56

Taj Manzur

التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم لعبد العزيز الثميني مج2 من المخطوط

Genres

وأما من طريق النقل من ورود السمع ومعاينة البصر بغير لازم فرضه ولا هالك من جهله قبله، إلا بعد قيام الحجة عليه بالخبر، فإذا طرق سمعه لزمه فرضه إن كان مفسرا في لفظه، وإلا فحتى يسأل عنه من يعبر له عنه بخطابه. ومالم تقم على المكلف حجة فهو سالم بجهله فيما طريقه السمع.

ومن التكليف ما أمر به اعتقاده، ومنه ما أمر بفعله، ومنه ما أمر بالكف عنه.

والعبد مأخوذ من شرع مسموع، ومن عقل متبوع فيما لا يمنع منه الشرع، وبالعكس، لأنه لا يرد بما يخالف العقل، وإنما يتوجه التكليف إلى من كمل عقله، وقد ذكرنا مراتبه في "شرح مرج البحرين"(82)، والأحكام العقلية لا تكون أصولا للشرعية.

ويلزم قيل منقطعا عن الناس ولاعلم له بهم، ولا بالشرائع أن يعلم من ذات عقله [29] أن له خالقا خلقه، وصانعا صنعه، لما يراه من خلق السموات والارض، وتقلب الليل والنهار، واختلاف الأحوال، بل ولما يبصره ويعقله في ذات نفسه. وعليه أن يكف عن جميع ما قبح في عقله كقتل الحيوان. ومن كان قيل على دين عيسى ولم يبلغه مبعث محمد صلى الله عليه وسلم، ولقي أعرابيا جافيا أو عبدا أو امرأة جافية، فأخبره به قامت عليه الحجة، وانقطع عذره به، ولزمه الإيمان به، ولم يسعه المقام على دين عيسى ؛ فإن مات عليه مات كافرا، وليس هذا من مقصودنا هنا.

الباب التاسع عشر

فيما يسع جهله وما لا يسع

فلا يسع كل بالغ عاقل أن يجهل معرفة الله، أنه واحد ليس كمثله شيء، والإقرار به، وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وبكل ما جاء به عن الله عز وجل أنه حق؛ فمن أقر بالجملة، وصدق بها، أقر بالدين، وآمن بما جاء به. فإن رد شيئا منها، أو أنكره، أو شك فيه أشرك .

ولا يسع جهل الشرك بالله فما دونه من خصال التوحيد، ولا جهل معرفة السؤال المتصل بمعرفة الله، ولا يعذر من فرط فيه، ولا جهل الفرائض عند أوقاتها.

Page 56