51

Taj Manzur

التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم لعبد العزيز الثميني مج2 من المخطوط

Genres

فإن تشاجروا في شيء ردوه إليه وإلى الكتاب؛ ومن ثم لم يخف على من كان كذلك ناسخه من منسوخه، ومكيه من مدنيه، ومقدمه من مؤخره؛ كيف وهم شهود القصة، وحضور التنزيل، وما هو في مغنم، أو فداء، أو عفو، أو قتل، أو أسر، أو قبض صدقة، أو صيام، أو صلاة، أو نسك؛ أو تحريم ربى، أو زنى، أو خمر، أو خنزير، أو في قصاص، أو حد، أو ميراث، أو غير ذلك. وفيهم أنزل، وإليهم يرجع؛ ولقد حفظوا من سننه، وأحكامه، وأحاديثه، وأخلاقه، وسيرته، ودلالته قبل مبعته، أضعاف ما بين الدفتين، وعلم ذلك الفقهاء.

وخصت العرب بشدة الحفظ، والبيان. وقد كان له كتاب يكتبون فيه ما أوحي إليه، لا يدفع ذلك صاحب خبر، ولا حامل أثر.

وكان منهم: ابن أبي سرح، وزيد بن ثابت، ومعاد بن جبل، ومعاوية. فلو لم يكن القرآن مجموعا مكتوبا في حياته، فأي شيء كتبه هؤلاء، وكيف يجوز لهم أن يتركوا جمع القرآن، والوقوف على تأليفه، وما اشتمل عليه. وأول ما أنزل منه بمكة: {إقرأ بسم ربك...} إلخ (سورة العلق: 1...)، وبالمدينة سورة البقرة، وآخر ما أنزل سورة براءة.

فلو ألفوا السور على رأيهم، لقدموا المقدم، وأخروا المؤخر، وفي تقديمهم البقرة، وتأخيرهم براءة دليل أنهم لم يتركوا وضع السور على ما عاينوا، وشاهدوا.

وقد قال أبو ذر: لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يقلب طائر جناحه في السماء إلا وعندنا منه علم. فكيف تجهل أمة شهدت أول ذلك، وآخره، تأويل السور، ومواضع الآي؛ وقد اختارهم الله للصحبة، ولقيام الحجة على من بعدهم، وعلى من غاب عنهم. وقد روي أنه كان مفرقا، حتى جمعه أبو بكر رضي الله عنه، وقيل عثمان.

وكانوا يأخذون آية من هذا، وأخرى من ذاك؛ فمن جاءهم بآية أو أكثر، سألوا الشهود عنها، ثم تكتب. وأن زيد بن ثابت لما أمر عثمان أن يكتبه في المصحف، فقد آيتين حتى وجدهما عند رجلين من الأنصار.

Page 51