75

Tahrir Tahbir

تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن

Investigator

الدكتور حفني محمد شرف

Publisher

الجمهورية العربية المتحدة-المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

Publisher Location

لجنة إحياء التراث الإسلامي

والمذهب المرضي أن المبالغة ضرب من المحاسن إذا بعدت عن الإغراق والغلو، وإن كان الإغراق والغلو أيضًا ضربين من المحاسن إذا اقترنا، وعيبين إذا أطلقا، ألا ترى كل مبالغة وقعت في الكتاب العزيز كيف أتت على قسمين: قسم ممكن غير مقترن، وقسم غير ممكن لا يأتي إلا مقترنًا، كقوله سبحانه: " يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار " وفي غير الممكن كقوله سبحانه: " سواء منكم من أسر القول ومن جهر به " الآية، لأن المبالغة فيها عرفية، معناه أن علم ذلك متعذر عندكم، وإلا فهو بالنسبة إلى علم الله سبحانه ليس بمبالغة، وقد قال امرؤ القيس في غير الممكن طويل: من القاصرات الطرف لو دب محول ... من الذر فوق الإتب منها لأثرا ولأن قوة الشعر وضعفه وماءه ورونقه أمر خارج عن البديع جملة، والمحاسن بتة، قرب شعر في غاية الجودة ونهاية القوة مع كونه قد بلغ فيه قائله إلى حد الإغراق أو الغلو، ورب شعر في غاية الرداءة مع الخلو عن هذين الضربين، فإن الكلام يكون جيدًا بدون البديع، ورديئًا مع وجوده، فإنكار المبالغة في الكلام القوي الجيد ما لا سبيل إليه.

1 / 157