305

Taḥrīr al-Taḥbīr fī ṣināʿat al-shiʿr waʾl-nathr wa-bayān iʿjāz al-Qurʾān

تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن

Editor

الدكتور حفني محمد شرف

Publisher

الجمهورية العربية المتحدة-المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

Publisher Location

لجنة إحياء التراث الإسلامي

فإنه لما انقضى ما أراده من المدح بقوله:
لم يبق جودك لي شيئًا أؤمله
ثم احتاج إلى تتميم البيت وأراد إتمامه بتكرار المعنى المتقدم فيه استحسانًا له وتوكيدًا، وكره التكرير لا لمعنى زائد، وعلم أن لا مزيد على معناه في بابه، فأخرجه مخرج المثل حيث قال:
تركتني أصحب الدنيا بلا أمل
ليحصل ما أراده من التوكيد وزيادة المعنى، لأن المدح إذا خرج مخرج المثل كان أسير في الأرض، وفي ضمن ذلك لهج الناس بالمدح الخارج مخرج المثل، وهذا البيت وإن نظر فيه إلى قول المتنبي بسيط
تمسي الأماني صرعى دون مبلغه ... فلا يقول لشيء ليت ذلك لي
فبيت ابن نباته أفضل من بيت المتنبي، لأنه أحسن الأدب مع ممدوحه، فلم يجعله في حيز من يتمنى شيئًا، وجعل قدرته وجوده أصارًا مادحة قد بلغ كل أمنيته فلم يبق له أمل: وإن كان في بيت المتنبي زيادة من جهة المبالغة في قوله: دون مبلغه واستعارة في اللفظ لقوله: تمسي الأماني صرعى ففي بيت ابن نباتة أن كل ما جعله المتنبي للممدوح، جعله ابن نباتة لشاعر الممدوح من نعمته وزيادة المبالغة في المدح بكونه أخرج المدح مخرج المثل كما بينا، فهو أسير وأبقى، وإذا أنصف الناظر في البيتين وجد معنى بيت المتنبي بكماله في صدر بيت ابن نباتة لأن حاصل بيت المتنبي أن الممدوح قدر على كل الأماني، وهذا قد استقل به صدر

1 / 390