152

Tahrir Tahbir

تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن

Investigator

الدكتور حفني محمد شرف

Publisher

الجمهورية العربية المتحدة-المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

Publisher Location

لجنة إحياء التراث الإسلامي

الأحمر إلا ما لم يحطم، وقد يكون الإيغال تتميمًا كبيتي امرئ القيس وزهير، ولكن ذلك لا يسمى إلا إيغالًا لانتهاء المعنى إلى آخر البيت، وهذا إيغال الاحتياط، وهو دون إيغال المبالغة من جهة الاصطلاح لكونه لم يفد إلا الاحتياط من الدخل دون الإتيان بمعنى زائد على معنى الكلام، والإيغال الذي ليس بتتميم في بيتي ذي الرمة هو إيغال المبالغة. وأعظم ما وقع في هذا الباب قول الخنساء بسيط وإن صخرًا لتأتم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار وعندي أن هذا البيت لو أفرد بالتمثيل في هذا الباب لأغنى عما ساقه قدامة في باب ائتلاف القافية مع ما يدل عليه سائر البيت من بابي التوشيح والإيغال، لأن صدره يدل على عجزه دلالة التوشيح، ومعنى جملة البيت كامل دون قافيته وفيه بوجودها زيادة لم تكن له قبلها، فإن هذه المرأة لم ترض لأخيها بأن تأتم به علية الناس، حتى جعلته علمًا يأتم به أئمة الناس، وهذا تتميم أدمج في صدر لفظ التوشيح، ولم ترض تشبيهه بالعلم، وهو الجبل المرتفع المعروف بالهداية، حتى جعلت في رأسه نارًا. وإذا وصلت إلى بلاغة القرآن العزيز، وصلت إلى الغاية القصوى، وذلك قوله تعالى: " ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين " فإن المعنى قد تم بقوله سبحانه: " ولا تسمع الصم الدعاء " ثم أراد وهو يعلم تمام الكلام

1 / 234