119

Tahrir Tahbir

تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن

Investigator

الدكتور حفني محمد شرف

Publisher

الجمهورية العربية المتحدة-المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

Publisher Location

لجنة إحياء التراث الإسلامي

الوصاف أنه ﷺ كان سهل الإشارة، كما كان سهل العبارة. وهذا ضرب من البلاغة الذي يمتدح بمثله، وهو أيضًا من بلاغة الواصف إذ أشار بقوله: كلها إلى كل المقصود الذي تدل عليه الإشارة، ومن حذق الواصف إتيانه بلفظ الإشارة في الوصف، لما أراد أن يصف الإشارة البديعية وقسمها قسمين: قسمًا للسان وقسمًا لليد، وقوله: " وإذا تعجب قلبها "، يعني أنه يشير بها على وجهها إذا كان المعنى الذي يشير إليه على وجهه ليس فيه ما يستغرب فيعجب منه، فإن الشيء المعجب إنما يكون معجبًا لكونه غير معهود، فكأن الأمر فيه قد قلب لمخالفته المعهود، فلذلك يجعل ﷺ قلب يده في وقت الإشارة إشارة إلى أن هذا الأمر قد جاء على خلاف المعهود، ولذلك تعجب منه. وقوله " وإذا حدث اتصل بها " يعني اتصل حديثه بها فيكون المعنى متصلًا، والمفهوم بالعبارة والإشارة متلاحمًا، آخذة أعناق بعضه بأعناق بعض، وقوله: " فضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى " يعني أنه عند انتهاء إشارته يضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى مشيرًا إلى أنه ختم الإشارة، لأن الإبهام بها يختم القبض، ولذلك عطف هذه الجملة بالفاء، ولم يأت بها معطوفة بالواو، كما أتى بما قبلها من الجمل لكونها آخر إشاراته، والواو لكونها غير مقتضية للترتيب، يجوز أن يكون المتأخر بها متقدمًا ولا كذلك الفاء، إذ لا بد أن يكون المعطوف بها متأخرًا لكونها موضوعة للتعقيب.

1 / 201