258

Al-Tafsīr al-muyassar li-Saʿīd al-Kandī

التفسير الميسر لسعيد الكندي

Genres

إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} على قدر دعاويهم، أو لتنزلهم منازلهم، من أمين أو خائن، تحذيرا له عن أن يخاصم الخائن لقوله: {ولا تكن للخائنين} أي: لأجل الخائنين، {خصيما(105)} مخاصما، {واستغفر الله} مما هممت به، {إن الله كان غفورا رحيما(106)}.

{ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم} يخونونها بالمعصية، جعلت معصية العصاة خيانة منهم لأنفسهم، لأن الضرر راجع عليهم. {إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما(107)} خوانا مبالغا في الخيانة مصرا عليها، «أثيما» منهمكا فيه [108]، وإذا عثرت من رجل على سيئة، فاعلم أن لها أخوات في حق أكثر الخلق، إلا الذين آمنوا، فإنهم إن بدت منهم زلة يسرعون إلى الانقلاع منها بالتوبة.

{يستخفون} يستترون {من الناس} حياء منهم، وخوفا من ضررهم، وطمعا لما في أيديهم، {ولا يستخفون من الله} ولا يستحيون منه، {وهو معهم} وهو عالم بهم، مطلع عليهم، لا يخفى عليه خاف من سرهم، وكفى بهذه الآية ناعية على الناس ما هم فيه من قلة الحياء والخشية من ربهم، مع علمهم أنه معهم أين ما كانوا، {إذ يبيتون} يدبرون، وأصله أن يكون خفية، ولذلك أسند إلى البيات، لأن الفعل فيه أخفى، {ما لا يرضى من القول} وهو دليل على أن الكلام هو المعنى القائم بالنفس، حيث سمى التدبير قولا، أو كان قولا منهم لبعضهم بعض، {وكان الله بما يعملون محيطا(108)} عالما علم إحاطة لا يخفى عليه منه شيء.

Page 258