Al-Tafsīr al-muyassar li-Saʿīd al-Kandī
التفسير الميسر لسعيد الكندي
Genres
فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم} أي: دوموا على ذكر الله في جميع الأحوال، أو فإذا أردتم الصلاة فصلوا قياما، إن قدرتم عليه، وقعودا إن عجزتم عن القيام ومضطجعين إن (¬1) عجزتم عن القعود. {فإذا اطمأننتم} سكنتم بزوال الخوف، {فأقيموا الصلاة} فأتموها بطائفة واحدة، أو إذا اطمأنتم بالصحة فأتموا بالقيام والقعود والركوع والسجود. {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا(103)} مكتوبا محدودا، بأحوال موصوفة في أوقات محدودة.
{ولا تهنوا} ولا تضعفوا ولا تتوانوا {في ابتغاء القوم} في طلب الكفار، {إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون} لأنهم شبهكم في الخلق ، ومثلكم في الطبع مباينوكم في الخاصية، كما قال: {وترجون من الله ما لا يرجون} أي: ليس ما تجدون من الألم بالجرح والقتل مختصا بكم، بل هو مشترك بينكم وبينهم، ويصيبهم كما يصيبكم، ثم إنهم يصبرون عليه، فما لكم لا تصبرون مثل صبرهم، مع أنكم أجدر منهم بالصبر لأنكم ترجون من الله مالا يرجون من إظهار دينكم على سائر الأديان، ومن الثواب العظيم؛ وذلك تنبيه من الله تعالى، وحث للمؤمن على الصبر إن نالته شدة في قيام بشيء من واجباته، ويراعي بصبره صبر من يحتمل المشاق على دنيا فانية عقابها الخسران، والذهاب والعتاب والعذاب، بل يكون أشد صبرا وأثبت عزيمة، لأنه لا يقاس ما يرجوه من مولاه، من التوفيق في الدنيا والثواب العظيم في الآخرة، مع ظن من يسعى للدنيا وحطامها، وما يؤول عليه (¬2) من الخسران للدنيا والآخرة. {وكان الله عليما} بما يجد المؤمنون، {حكيما(104)}، لأنه لا يأمركم ولا ينهاكم إلا بما يعلم أن فيه صلاحكم.
{
¬__________
(¬1) - ... في الأصل: «عن»، وهو خطأ.
(¬2) - ... كذا في الأصل، ولعل الصواب: «إليه».
Page 257