Tafsir Bayan Sacada
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Genres
والوالدان هما اللذان باعدادهما وحركاتهما المخصوصة اوجد الله نطفتك واصل مادتك وهذه السببية كلما كانت في شيء اقوى كان باسم الوالد احرى وان كان العامة العمياء يخصون هذا الاسم بالمعد لنطفتك الجسمانية غافلين عن كيفية تولدك الروحانى فالافلاك والعناصر آباء للمواليد، والعقل والنفس الكليان والدان لعالم الطبع، اذ بالقاء الافلاك بحركاتها الدورية وكواكبها التى هى كالقوى الانسانية الآثار على العناصر وقبول العناصر لها كتأثر النساء عن الرجال وقبول ارحامهن لنطفهم يتولد المواليد وتنمو وتبقى وهى فى بقائها ونمائها ايضا محتاجة الى تلك الآباء بخلاف حاجة الحيوان الى آبائها الجسمانية فانها بعد حصول مادتها وحصول قوام ما لمادتها مدة كونها فى الرحم غير محتاجة الى آبائها، وبالقاء العقل الكلى نقوش العالم على لوح النفس الكلية التى هى كالبذور يوجد عالم الطبع وعالم الطبع في بقائه محتاج الى ذينك الوالدين، هذا فى العالم الكبير واما فى العالم الصغير الانسانى فبعد تسويته يوجد آدم الصغير وحواء الصغرى بازدواج العقل والنفس وبازواجهما يولد بنو آدم وذريتهما، وبازدواج الشيطان والنفس الامارة يولد بنو الجان وذرية الشيطان، هذا بحسب التكوين فى العالمين، واما بحسب الاختيار والتكليف وهو مختص بالانسان الضعيف فقد جرت السنة الآلهية ان يكون توليد المواليد الاختيارية من القلب ومراتبه وجنوده الخلقية والعلمية والعيانية بتعاضد نفسين مأذونتين من الله وايصالهما اثر الامر الآلهى الى المكلف بتعاضدهما لتطابق التكليف والتكوين فان الاوامر التكليفية متسببة عن الاوامر التكوينية وموافقة لها، وان لم ندرك فى بعضها كيفية التوافق لعدم العلم بالتكوين وتلك السنة كانت جارية من لدن آدم (ع) الى زماننا هذا وتكون باقية الى انقراض العالم، وان لم يبق لها اثر ولا بين العامة منها ذكر ولا خبر. فان صحة الاسلام فى الصدر ودخول الايمان فى القلب ما كان الا بتعاضد شخصين يكون احدهما مظهرا للعقل الكلى والآخر مظهرا للنفس الكلية واخذهما البيعة العامة النبوية او البيعة الخاصة الولوية بالكيفية المخصوصة والميثاق المخصوص: انا وعلى (ع) ابوا هذه الامة يهديك؛
كل نفس معها سآئق وشهيد
[ق:21] يشهد لك،
واجعل لي وزيرا من أهلي
[طه: 29] يكفيك فمحمد (ص) وعلى (ع) مظهرا العقل والنفس الكليين وبالبيعة على ايديهما بتولد جنود العقل الاختيارية، واعداؤهما مظاهر الجهل والنفس الامارة الكليين وبالبيعة على ايديهم يتولد جنود الجهل الاختيارية، وقد فسر المعصومون (ع) الوالدين فى القرآن بمحمد (ص) وعلى (ع) وفسروا
وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم
[لقمان: 15] بالجبت والطاغوت، ويسمى الصوفية مظهر العقل بالمرشد ومظهر النفس بالدليل وبلسان الفرس " بيرارشاد وبير دليل " وبحسب تفاوت مظهريتهما وتصرفهما يكون احدهما مظهرا لاسم الله أوالرحيم والآخر مظهرا لاسم الرحمن وباعتبار هذه المظهرية والاثنينية قال تعالى:
قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن
[الاسراء:110] فان التخيير والترديد ليس باعتبار اللفظين فانهما آلتا الدعوة وليسا مدعوين ولا مفهومى اللفظين فانهما ايضا عنوانا المدعوين والمدعو لا محالة امر حقيقى لا امر ذهنى، والذات الاحدية التى هى مصداق ذينك اللفظين لا تكثر فيه فلا بد وان يكون المدعو امرين يكونان مظهرين لمفهومى هذين الاسمين حتى يصح هذا الترديد لا يقال: المراد ادعوا الذات الاحدية بلفظ الله او بلفظ الرحمن لانه يقال: ظاهر اللفظ غير هذا والحذف والايصال فى مثل هذا شاذ ينافى الفصاحة وتكرار ادعوا ينافيه وجعل ادعوا بمعنى سموا ايضا بعيد، فالمراد ادعوا مظهر اسم الله او ادعوا مظهر اسم الرحمن، والدعوة هى طلب المدعو للورود على الداعى والحضور عنده اما لان المطلوب منه حضور ذاته عنده اوامر غير ذاته يحصل من حضور ذاته وليس معناها مسئلة شيء من المدعو حاضرا كان ام غائبا وبهذا وامثاله استشهد الصوفية على ان المطلوب من دعاء الله او دعاء مظاهره هو حضور المدعو عند الداعى ويسمونه حضورا وفكرا.
تحقيق تمثل صورة الشيخ عند السالك
Unknown page