40

Tafsir al-Uthaymin: Ghafir

تفسير العثيمين: غافر

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٧ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

وتَعود على مَذهَب الماتُريدية إلى الخَلْق؛ لأن الماتُريدية يُثبِتون الخَلْق والتَّكوين بخِلاف الأشاعِرة. فلنَنظُرِ الآنَ: فعلَى كلام المفَسِّر تَكُون ﴿شَدِيدِ﴾ بمَعنى مُشدِّد، ولنا أن نُطالِب فنَقول: هل "فَعيل" تأتي بمَعنى "مُفعِل"؟ الجوابُ: نعَمْ، تَأتي "فعيل" بمَعنى مُفعِل كقول الشاعِر: أَمِنْ رَيْحَانَةَ الدَّاعِي السَّمِيعُ ... يُؤَرِّقُيي وَأَصْحَابِي هُجُوعُ (^١) "السَّميع" هنا بمَعنى المُسمِع، "الداعِي" الذي يُسمِعه، "يُؤرِّقُني" فلا أَنام، "وأَصحابي هُجوع" نائِمون. فمن حيثُ اللَّفْظ لا اعتِراضَ على المفَسِّر؛ أي: من حيثُ جَعْله (فعيل) بمَعنَى (مُفعِل) لا اعتِراضَ عليه؛ لأن ذلك وارِد في اللغة العرَبية، لكن من حيثُ المَعنَى فيه نظَر؛ لأن ظاهِر قوله: ﴿شَدِيدِ الْعِقَابِ﴾، أنه هو نَفسُه عِقابُه شديد، وهو كذلك، فإذا كان العِقاب شَديدًا لزِمَ أن يَكون الأَلَمُ -ألَمُ مَن عُوقِب- شديدًا أيضًا، والعِقاب مَأخوذ من المُعاقَبة، وهي المُجازاة، وسُمِّيَت المُجازاة عِقابًا؛ لأنها تَعقُب العمَل، لكنها تُذكَر غالِبًا فيما يَسوء لا فيما يَسُرُّ. قَالَ اللهُ ﷿: ﴿ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ [غافر: ٣]. قوله: ﴿ذِي﴾ بمَعنَى صاحِب، وهي مَجرورة بالياء نِيابةً عن الكَسرة؛ لأنَّها من الأسماء الخَمسة.

(^١) البيت لعمرو بن معدي كرب (ت ٢١ هـ)، انظر: الأصمعيات (ص: ١٧٢)، الشعر والشعراء لابن قتيبة (١/ ٣٦٠).

1 / 44