Tafsir al-Uthaymin: Ghafir
تفسير العثيمين: غافر
Publisher
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٧ هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
وقال المفَسِّر: [لهم] أي: للمُؤمِنين، وهذا أيضًا ليس بصحيح، فالتَّوْبة مَقبولة من المُؤمِنين والكافِرين، قال الله ﵎ عن المُشرِكين: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ﴾ [التوبة: ١١].
وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [النساء: ١٧، ١٨].
فقال: ﴿يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ﴾ إِذَنْ: لو تابوا قَبْل ذلك لقُبِلت، فتَبيَّن بهذا أن ما ذهَب إليه المفَسِّر ﵀ من تَخصيص ذلك بالمُؤمِنين يُعتَبر قصورًا.
قال: [مَصدَر] ﴿وَقَابِلِ﴾ اسم فاعِل، إِذَنْ فالمَصدَر هو ﴿التَّوْبِ﴾.
قال ﵀: ﴿شَدِيدِ الْعِقَابِ﴾ للكافِرين] كأنَّ المفَسِّر ﵀ خصَّ الغافِر والقابِل بالمُؤمِنين؛ لقوله: ﴿شَدِيدِ الْعِقَابِ﴾؛ لأن شِدَّة العِقاب إنَّما هي للكافِرين، ولكنَّ في هذا نظَرًا؛ لأنَّ المَقصود هنا ذِكْر صفة الله ﷾ أنه جمَع بين الفَضْل والعَدْل، بين الفَضْل في كونه غافِرَ الذَّنْب وقابِل التوب، والعَدْل في كونه شَديدَ العِقاب؛ لأنَّ شِدة العِقاب من الله ﷿ لمَنِ استَحَقَّها عَدْل، إذ إنَّ الله أَخبَرنا وبيَّن لنا أنَّ مَن فعَل كذا عاقَبَه بالعُقوبة الشديدة، فإذا فعَل الإنسان ما تُوعِّد عليه بالعُقوبة الشَّديدة فهو الذي اختار لنَفْسه هذا، فيَكون مُعامَلة الله له به تَكون عَدْلًا.
وقوله: [أي: مُشَدِّدُه] وليُنْتَبه لهذا التَّفسيرِ! فقَد عَدَل عن ظاهِر الآية التي تُفيد أنه نفسه شَديد العقاب؛ لأنهم - الأشاعِرة - يَنفون الصِّفاتِ، والتَّشديدُ فِعْل بائِن عن الله ﷿، فهي مِثْل القادِر، يَعنِي تَعود الصِّفة على مَذهَب الأشاعرة إلى القُدْرة،
1 / 43