218

Tafsīr al-ʿUthaymīn: Juzʾ ʿAmma

تفسير العثيمين: جزء عم

Publisher

دار الثريا للنشر والتوزيع

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Publisher Location

الرياض

Genres

العلماء: إنه كلما جاء إنسان وأعطاها من الماء بقدر أعطته من اللبن بقدره، ولكن الذي يظهر من القرآن خلاف ذلك. لقوله تعالى: ﴿لها شرب ولكم شرب يوم معلوم﴾ [الشعراء: ١٥٥] . فالناقة تشرب من البئر يومًا، ثم تدر اللبن في اليوم الثاني، ولكن لم تنفعهم هذه الآية: ﴿كذبت ثمود بطغواها﴾ أي بطغيانها وعتوها، والباء هنا للسببية، أي: بسبب كونها طاغية كذبت الرسول. ﴿إذ انبعث أشقاها﴾ هذا بيان للطغيان الذي ذكره الله ﷿ وذلك حين انبعث أشقاها. و﴿انبعث﴾ يعني: انطلق بسرعة. ﴿أشقاها﴾ أي أشقى ثمود أي: أعلاهم في الشقاء - والعياذ بالله - يريد أن يقضي على هذه الناقة. فقال لهم رسولهم صالح ﵊: ﴿ناقة الله وسقياها﴾ أي ذروا ناقة الله، لقوله تعالى في آية أخرى: ﴿فذروها تأكل في أرض الله﴾ [الأعراف: ٧٣] . يعني اتركوا الناقة لا تقتلوها ولا تتعرضوا لها بسوء ولكن كانت النتيجة بالعكس. ﴿فكذبوه﴾ أي: كذبوا صالحًا وقالوا: إنك لست برسول، وهكذا كل الرسل الذين أرسلوا إلى أقوامهم يصمهم أقوامهم بالعيب. كما قال الله تعالى: ﴿كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون﴾ . [الذاريات: ٥٢] .
كل الرسل قيل لهم هذا ساحر أو مجنون، كما قيل للرسول ﵊: إنه ساحر، كذاب، مجنون، شاعر، كاهن، ولكن ألقاب السوء التي يلقبها الأعداء لأولياء الله لا تضرهم، بل يزدادون بذلك رفعة عند الله ﷾، وإذا احتسبوا الأجر أثيبوا على ذلك. فيقول ﷿: ﴿فعقروها﴾ أي: فذبحوا الناقة عقرًا حصل به الهلاك. ﴿فدمدم عليهم ربهم﴾ يعني: أطبق عليهم فأهلكهم كما تقول: دمدمت البئر: أي أطبقت عليها التراب. ﴿بذنبهم﴾ أي: بسبب ذنوبهم؛ لأن الله ﷾ لا

1 / 224