يظلم الناس شيئًا ولكن الناس أنفسهم يظلمون، فالذنوب سبب للهلاك والدمار والفساد لقول الله ﵎: ﴿ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون﴾ [الروم: ٤١] . وقال تعالى: ﴿وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرًا﴾ . [الإسراء: ١٦] . وقال الله تعالى يخاطب أشرف الخلق وخير القرون: ﴿أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم﴾ . [آل عمران: ١٦٥] . فالآنسان يصاب بالمصائب من عند نفسه، ولهذا قال: ﴿فدمدم عليهم ربهم بذنبهم﴾ أي: بسبب ذنبهم. ﴿فسواها﴾ أي: عمها بالهلاك حتى لم يبق منهم أحد وأصبحوا في ديارهم جاثمين. ﴿ولا يخاف عقباها﴾ يعني: أن الله لا يخاف من عاقبة هؤلاء الذين عذبهم، ولا يخاف من تبعتهم، لأن له الملك وبيده كل شيء، بخلاف غيره من الملوك لو انتصروا على غيرهم، أو عاقبوا غيرهم تجدهم في خوف يخشون أن تكون الكرة عليهم. أما الله ﷿ فإنه لا يخاف عقباها. أي: لا يخاف عاقبة من عذبهم، لأنه ﷾ له الملك كله، والحمد كله، فسبحانه وتعالى ما أعظمه، وما أجل سلطانه.