16

Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum

تفسير العثيمين: الروم

Publisher

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٦ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

قوْلهُ ﵀ [بِأَمْرِ الله إرادته]: هَذا في الحقيقةِ تحرِيفٌ، بَلِ الصّوابُ أنَّه (بأمرِه)، أيْ بقَوْلِه، قَال تَعالَى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس: ٨٢]، فإنَّ الله تَعالَى لَا يُقَدِّر شَيْئًا إلا بالقوْلِ، و﴿شَيْئًا﴾ نَكِرَةٌ في سِيَاق الشّرطِ فتَعُمُّ كُلَّ شَئٍ أَرادَهُ الله، فإِنما ﴿يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ فالصّوابُ أنَّ المرادَ بالأمْرِ هُنا هُو القوْلُ. وَالإرَادَةُ ليْسَت هِيَ القوْلُ فإنَّ الإرَادَةَ صِفَةٌ لا تسْتَلْزم القوْلَ إِذْ إِنَّ المرِيدَ قَدْ يفْعَلُ مَا أَرادَ، أَوْ قَدْ يقُولُهُ، وأمَّا القوْلُ فإِنَّهُ أخَصُّ مِنَ الإرَادَةِ، كُلُّ قَوْلٍ فهُوَ متضَمِّن لِلإرَادَةِ، وليْسَت كُلُّ إرادَةٍ متضمِّنَة للقوْلِ. قوْله تَعالَى: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ﴾: (يومَ) ظرفٌ متعلِّق بـ (يفرح)، وهِي مُضافَةٌ إِلَى (إِذْ)، ونُوِّنَت (إِذْ) تنْوِينَ عِوَضٍ عَن جُمْلَةٍ؛ وَلِهَذا قَال: (أَيْ يَوْمَ تَغْلِبُ الرّومُ) فالمحْذُوفُ جُمْلَةٌ، وَالفرَحُ لا يُمكن لِلإِنْسَانِ أن يُعَبِّر عنْهُ، لذا قد نقول: الفرح خِفَّةُ النّفْسِ وسُرُورُ النّفْسِ، أَوْ نَقُولُ: الفرَحُ معْلُومٌ؛ وَلِهَذا نَجِدُ صاحِبَ القامُوسِ إِذا عرَّف مثْلَ هَذِهِ الأشْيَاء قَال: (م) (^١)، يعْنِي أنَّه مَعْرُوفٌ وَلا حاجَةَ لأنْ يُبَيَّن. وقوْله تَعالَى: ﴿يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ﴾: المرَادُ بِهم النّبيّ ﷺ وأصحَابُهُ. وقوْله تَعالَى: ﴿بِنَصْرِ اللَّهِ﴾: متعلِّق بـ (يفْرَحُ) وهُو مصْدَر مُضَافٌ إِلَى فاعِلِه، أمَّا مفعولُه فمَحْذوفٌ، وتقْدِيرُه (بِنَصْر الله الرّوم عَلَى الفرْسِ)، وَلِهَذا قَال المُفَسِّر ﵀: [بِنَصْرِ الله إِيَّاهُمْ عَلَى فَارِسَ]، والنّصُر معْناهُ العوْنُ والظّهورُ، أَيْ أنَّ الله يُعِينُهُم حتَّى يَظْهَرُوا عَلَى أعْدَائِهم.

(^١) هو الفيروزآبادي في القاموس المحيط، ومن ذلك قوله في (ص: ٣٧): "الحدَأَةُ، كَعِنَبَةِ: طَائِرٌ م، ج: حِدَأٌ وحِدَاءٌ وحِدْآنٌ بالكسْرِ".

1 / 22