Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
Publisher
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٦ هـ
Publisher Location
المملكة العربية السعودية
Genres
وسُمِّي ذَلِك نَصْرًا مَع أنَّه لِكُفَّارٍ عَلَى كُفَّارٍ لأنَّ النّصْر هُو العوْنُ والظّهُورُ، وهُوَ لا فَرْق بَيْن أنْ يكُونَ بَيْن مُؤْمِنٍ وكَافِرٍ، أَوْ بَيْن كافِرٍ وكافِرٍ، ثمَّ إِنَّ أهْلَ الكتَابِ أقْرَبُ مِن الفرْسِ؛ وَلِهَذا لهمْ أحْكَامٌ خاصَّةٌ تُقرِّبُهم مِنَ المسْلِمِينَ.
قولُه ﵀: [فَرِحُوا بِذَلِكَ وعلِمُوا بِهِ يَوْمَ وُقوعِهِ يَوْمَ بَدْرٍ بِنُزولِ جِبْرِيلَ بِذَلِكَ مَع فَرَحِهم بِنَصْرِهِمْ عَلَى المشْرِكِينَ فِيهِ]، يعْنِي أنَّ الواقِعَة حصَلَتْ بَيْن فارِسَ والرّومِ في الزّمَن الَّذي حَصلَتْ فِيه الواقِعَةُ بيْنَ الكفَّار وَالمؤْمِنِينَ، وَذَلِكَ في بَدْرٍ، وَعَلى هَذا فتكُونُ هَذِهِ الآيَة نَازِلَةً قبْلَ الهجْرَةِ بخَمْسِ سَنَواتٍ؛ لأنَّهُ إِذا كانَتِ المدَّةُ التي حصَلتْ فِيها الغلَبَة سبْعَ سنَواتٍ، وبَدْرٌ كانَتْ فِي السّنَةِ الثّانِيَةِ لَزِم أنْ يكُونَ نُزولُ الآيَة وغَلَبَةُ فَارِسَ لِلرُّومِ قبْلَ الهجْرَةِ بخَمْسِ سَنوَاتٍ.
وقولُهُ ﵀: [مَع فَرَحِهِمْ بِنَصْرِهِمْ عَلَى المشْرِكِينَ فِيهِ]، فيَكُونُ فِي هَذا الزمَنِ اجْتَمعَ نصرُ أهْلِ الكتابِ عَلَى المجُوسِ ونَصْرُ المسْلِمينَ عَلَى المشْرِكِينَ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل قولُ المُفَسّر ﵀ علَيْه دَليلٌ نقْلِيٌّ؟
فالظّاهِرُ أنَّه تابعٌ للتَّارِيخِ فقَطْ، أمَّا عَنِ الرَّسُولِ ﵊ فَلا يُوجَدُ دَلِيلٌ، لكنَّ التّارِيخَ يقُولُ هَذا.
قوْله تَعالَى: ﴿بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ﴾: هَذِهِ عامَّةٌ تعُمُّ كلَّ منْصُورٍ، سواءٌ كانَ المنْصُورُ كافِرًا أوْ مؤمِنًا؛ لأَنَ الأمْرَ بيَدِ الله ﷾، وكُل شيْءٍ مقيَّدٌ بالمشِيئَةِ فإِنَّهُ يتضَمَّنُ الحكْمَةَ؛ لأَنَّ الله تَعالَى لا يَشَاءُ شيْئًا إلا لحِكْمَةٍ، فينْصُرُ مَنْ يشَاءُ نصْرَه لحكْمَةٍ اقتْضَتْ ذلِكَ.
قوْله ﵀: [﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ الغالب]: هَذا أحَدُ مَعانِي العزَّةِ؛ لأَنَّ العزَّةَ
1 / 23