Tafsir Al-Muntasir Al-Kattani

Muhammad al-Muntasir al-Kettani d. 1419 AH
101

Tafsir Al-Muntasir Al-Kattani

تفسير المنتصر الكتاني

Genres

تفسير قوله تعالى: (ويسألونك عن ذي القرنين) قال الله ﷻ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا﴾ [الكهف:٨٣]. عرفنا أن سبب نزول سورة الكهف أن فئة من كفار مكة ذهبوا إلى يهود المدينة يسألونهم ليمتحنوا النبي ﷺ هل هو نبي حقًا أو أنه متقول؟ فقال له هؤلاء الكذبة الفجرة من يهود المدينة وهم لا يريدون امتحانًا ولا اختبارًا وإنما يريدون التشهير والتعجيز: سلوا هذا الذي قال إنه نبي من بينكم: ما قصة الجماعة الذين خرجوا يومًا في الدهر فغابوا ولم يعودوا؟ ومن هو الرجل الذي طاف المشارق والمغارب؟ ومتى كان؟ واسألوه عن الروح ما هي؟ فجاءوا إلى النبي ﵊ يسألونه فقال لهم: (غدًا أجيبكم)، فمضى الغد وبعد الغد إلى أن مكث عشرة أيام ولم يأته الوحي، وفي اليوم الخامس عشر جاءه جبريل يعاتبه عن ربه أنه لم يستثن ويعلق الجواب في الغد بمشيئة الله، ومع ذلك أجابه فأنزل سورة الكهف، وأنزل قبلها الجواب عن الروح وكان جوابًا سلبيًا: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء:٨٥]، فالله استأثر بعلمها ولم يطلع عليه ملكًا مقربًا ولا نبيًا مرسلًا. وأما قصة الجماعة فهي قصة فتية أهل الكهف التي مضت مفصلة، واليوم سنذكر قصة هذا الذي طوف الأرض مشارقها ومغاربها، فقال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ﴾ [الكهف:٨٣] أي: يا محمد! يسألك قومك عن ذي القرنين ﴿قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا﴾ [الكهف:٨٣] أي: سأجيبكم وأقص عليكم شيئًا من قصة هذا الرجل، وأذكر لكم خبرًا يعرف به وماذا صنع، وهل كان مؤمنًا أم كافرًا؟ فقال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ﴾ [الكهف:٨٣] أي: أقص عليكم يا معاشر العرب! ويا معاشر المسلمين! ممن عاصروه ومن لم يعاصروه، أي: سأقص عليكم خبرًا من أخباره ونبذة من حياته، وأخبرنا عنه بيانًا وتفسيرًا نبينا صلوات الله وسلامه عليه كما في في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما من الكتب الستة عن طائفة من الصحابة: (أن النبي ﵊ أخبرنا عن ذي القرنين وأنه كان عبدًا بشرًا صالحًا)، ومع ذلك اختلف الناس فيه: أكان ملكًا؟ ف الجواب ليس هذا الخبر إلا من الإسرائيليات، وكثيرًا ما تمتزج الإسرائيليات بقصص القرآن عند تفسيرها وبيانها، ونجد فيها الكثير من الخرافات والأكاذيب مروية عن جماعة أسلموا وأدخلوا في هذه القصص ما ليس من القرآن ولا من صحيح السنة، وكان على رأس هؤلاء كعب الأحبار.

15 / 2