108
{ أم } بل أتريدون ، وهو إضراب انتقال عن قصة ، لا إبطال { تريدون } يا معشر العرب ، وغيرهم كاليهود { تسئلوا رسولكم } أعلمهم أنه رسول للعرب واليهود وغيرهم ، أما العرب فسألوه ، أن يوسع أرض مكة بإذهاب الجبال عنها للحرث والنزهة ، وأن يجعل الصفا ذهبا ، ويبعث قصيا يخبرهم أنه نبى ، قال السدى : وأن يروا الله جهرة ، قال : نعم ، على أنه لكم كالمائدة لبنى إسرائيل فقال ابن أبى العالية ، أن تكون كفارانا ككفارات بنى إسرائيل ، فقال : كفاراتكم خير ، الاستغفار ، والصلوات ، والجمعة ، وكفاراتهم خزى ، فإن لم يكفروها نفى الآخرة ، ومن ذلك قول رافع بن خزيمة ، إن كنت رسولا فليكلمنا الله لنسمع كلامه ، وقال عبدالله بن أمية المخزومى فى رهط من قريش : ما أومن بك حتى تفجر : إلى قوله : نقرؤه ، وقال بقية الرهط ، فائتنا بكتاب جملة مكتوب كالتوراة ، وأما اليهود فسألوه ، أن يأتى بالكتاب جملة كالتوراة ، وأن يأتى بالله والملائكة قبيلا ، ونحو ذلك { كما سئل موسى من قبل } سأله اليهود أن يريهم الله جهرة ، وأن يجعل لهم إلها كما جعل قوم لأنفسهم آلهة ، ونحو ذلك { ومن يتبدل الكفر بالإيمن } يأخذ الشرك والكبائر بدل التوحيد ، والإيمان بترك التفكر فيما أنزل الله ، وطلب آيات أخر تعنتا { فقد ضل سوآء } أى عن سواء ، أو أخطأ سواء { السبيل } أى السبيل السواء ، أى المعتدل ، وهو الحق ، قيل قوله « ومن يتبدل الكفر الإيمان » . إلخ يدل على أن الخطاب فى قوله تعالى : ألم تعلم ، وما لكم ، وأم تريدون للمؤمنين ، لأن هذا لا يصح إلا فى المؤمنين ، لأنهم آمنوا ، فنهوا أن يبدلوه بالكفر ، قلت : لا يتعين هذا ، لجواز أن يكون معنى التبدل إعراض الكفرة عن التوحيد والإيمان ، واستدل على أن الخطاب فى ذلك كله للمؤمنين ، بأن قوله « أم تريدون » عطف على { لا تقولوا راعنا } قلت : لا يتعين لجواز أن تكون أم حرف ابتداء للإضراب كما مر ، ولا داعى إلى تقدير ، أتفعلون ما أمرتم من السمع ، وقول ، انظرنا ، أم تريدون ، واستدل على أن الخطاب للمؤمنين بأنهم كانوا يسألونه A عما لا خير فيه ، كما سأل اليهود موسى عليه السلام ، كما روى أنهم قالوا ، اجعل لنا ذات أنواط ، كما أن للمشركين ذات أنواط ، شجرة يعبدونها ، ويعلقون عليها سلاحهم ومأكولهم ومشروبهم ، إلا أنهم لم يريدوا أن يعبدوها ، فقال : الله أكبر ، هذا كما قال لأخى موسى قومه اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، والذى نفسى بيده لتركبن سنن من قبلكم ، حذو النعل بالنعل ، والقذة بالقذة إن كان فيهم من أتى أمه يكن فيكم ، أفلا أدرى أتعبدون العجل أم لا . واختار بعض أن الخطاب لليهود ، لأن الكلام فيهم من قوله يا بنى إسرائيل ، اذكروا .
Page 127