Tafsir
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
Investigator
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
Publisher
دار طيبة للنشر والتوزيع
Edition Number
الرابعة
Publication Year
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
النَّاظِرِينَ﴾ إِلَيْهَا يُعْجِبُهُمْ حُسْنُهَا وَصَفَاءُ لَوْنِهَا.
﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (٧٠) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (٧١) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٧٢) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٧٣)﴾
﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ﴾ أَسَائِمَةٌ أَمْ عَامِلَةٌ ﴿إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا﴾ وَلَمْ يَقُلْ تَشَابَهَتْ لِتَذْكِيرِ لَفْظِ الْبَقَرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى "أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ" (٢٠-الْقَمَرِ) وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ جِنْسُ الْبَقَرِ تَشَابَهَ، أَيِ الْتَبَسَ وَاشْتَبَهَ أَمْرُهُ عَلَيْنَا فَلَا نَهْتَدِي إِلَيْهِ ﴿وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ﴾ إِلَى وَصْفِهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (وَاللَّهِ) (١) لَوْ لَمْ يَسْتَثْنُوا لَمَا بُيِّنَتْ لَهُمْ إِلَى آخِرِ الْأَبَدِ" (٢)
﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ﴾ مُذَلَّلَةٌ بِالْعَمَلِ يُقَالُ: رَجُلٌ ذَلُولٌ بَيِّنُ الذُّلِّ، وَدَابَّةٌ ذَلُولٌ بَيِّنَةُ الذُّلِّ ﴿تُثِيرُ الْأَرْضَ﴾ تَقْلِبُهَا لِلزِّرَاعَةِ ﴿وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ﴾ أَيْ لَيْسَتْ بِسَاقِيَةٍ ﴿مُسَلَّمَةٌ﴾ بَرِيئَةٌ مِنَ الْعُيُوبِ ﴿لَا شِيَةَ فِيهَا﴾ لَا لَوْنَ لَهَا سِوَى لَوْنِ جَمِيعِ جِلْدِهَا قَالَ عَطَاءٌ: لَا عَيْبَ فِيهَا، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَا بَيَاضَ فِيهَا وَلَا سَوَادَ ﴿قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ﴾ أَيْ بِالْبَيَانِ التَّامِّ الشَّافِي الَّذِي لَا إِشْكَالَ فِيهِ، وَطَلَبُوهَا فَلَمْ يَجِدُوا بِكَمَالِ وَصْفِهَا إِلَّا مَعَ الْفَتَى فَاشْتَرَوْهَا بِمَلْءِ مَسْكِهَا ذَهَبًا، ﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ مِنْ غَلَاءِ ثَمَنِهَا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: وَمَا كَادُوا يَجِدُونَهَا بِاجْتِمَاعِ أَوْصَافِهَا، وَقِيلَ ﴿وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ مِنْ شِدَّةِ اضْطِرَابِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ فِيهَا.
قَوْلُهُ ﷿: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا﴾ هَذَا أَوَّلُ الْقِصَّةِ وَإِنْ كَانَتْ مُؤَخَّرَةً فِي التِّلَاوَةِ، وَاسْمُ الْقَتِيلِ (عَامِيلُ) (٣) ﴿فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا﴾ أَصْلُهُ تَدَارَأْتُمْ فَأُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الدَّالِ وَأُدْخِلَتِ الْأَلْفُ، مِثْلَ قَوْلِهِ: "اثَّاقَلْتُمْ" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: مَعْنَاهُ فَاخْتَلَفْتُمْ، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: تَدَافَعْتُمْ، أَيْ يُحِيلُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنَ الدَّرْءِ وَهُوَ الدَّفْعُ، فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ ﴿وَاللَّهُ مُخْرِجٌ﴾ أَيْ مُظْهِرٌ ﴿مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ فَإِنَّ الْقَاتِلَ كَانَ يَكْتُمُ الْقَتْلَ
﴿فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ﴾ يَعْنِي الْقَتِيلَ (بِبَعْضِهَا) أَيْ بِبَعْضِ الْبَقَرَةِ،
(١) في ب وأيم الله. (٢) الطبري: ٢ / ٢٠٥، ابن كثير: ١ / ١٩٩، وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه، وأحسن أحواله أن يكون من كلام أبي هريرة. وقال ابن حجر في الكافي الشاف ص (٨): أخرجه ابن جرير من طريق ابن جريج مرفوعا، وهو معضل. (٣) معرفة الاسم ليس عليه دليل، والعلم به لا ينفع، والجهل به لا يضر.
1 / 108