101

Tafsir

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Investigator

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Publisher

دار طيبة للنشر والتوزيع

Edition Number

الرابعة

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵁ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: ضَرَبُوهُ بِالْعَظْمِ الَّذِي يَلِي الْغُضْرُوفَ وَهُوَ الْمَقْتَلُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: بِعَجْبِ الذَّنَبِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَا يُخْلَقُ وَآخِرُ مَا يَبْلَى، وَيُرَكَّبُ عَلَيْهِ الْخَلْقُ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: بِلِسَانِهَا، وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: هَذَا أَدُلُّ بِهَا لِأَنَّهُ آلَةُ الْكَلَامِ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَعِكْرِمَةُ: بِفَخْذِهَا الْأَيْمَنِ، وَقِيلَ: بِعُضْوٍ مِنْهَا لَا بِعَيْنِهِ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ فَقَامَ الْقَتِيلُ حَيًّا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَوْدَاجُهُ، أَيْ عُرُوقُ الْعُنُقِ، تَشْخُبُ دَمًا وَقَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ، ثُمَّ سَقَطَ وَمَاتَ مَكَانَهُ فَحُرِمَ قَاتِلُهُ الْمِيرَاثَ، وَفِي الْخَبَرِ: "مَا وَرِثَ قَاتِلٌ بَعْدَ صَاحِبِ الْبَقَرَةِ" (١) وَفِيهِ إِضْمَارٌ تَقْدِيرُهُ: فَضُرِبَ فَحُيِيَ ﴿كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى﴾ كَمَّا أَحْيَا عَامِيلَ، ﴿وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ قِيلَ تَمْنَعُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنَ الْمَعَاصِي. أَمَّا حُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْإِسْلَامِ: إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَوْضِعٍ وَلَا يُعْرَفُ قَاتِلُهُ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ (لَوْثٌ) (٢) عَلَى إِنْسَانٍ -وَاللَّوْثُ: أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الْقَلْبِ صِدْقُ الْمُدَّعِي، بِأَنِ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ فِي بَيْتٍ أَوْ صَحْرَاءَ فَتَفَرَّقُوا عَنْ قَتِيلٍ يَغْلِبُ عَلَى الْقَلْبِ أَنَّ الْقَاتِلَ فِيهِمْ، أَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ أَوْ قَرْيَةٍ كُلُّهُمْ أَعْدَاءٌ لِلْقَتِيلِ لَا يُخَالِطُهُمْ غَيْرُهُمْ، فَيَغْلِبُ عَلَى الْقَلْبِ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ -فَادَّعَى الْوَلِيُّ عَلَى بَعْضِهِمْ، يَحْلِفُ الْمُدَّعِي خَمْسِينَ يَمِينًا عَلَى مَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ جَمَاعَةً تُوَزَّعُ الْأَيْمَانُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ بَعْدَمَا حَلَفُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ مِنْ عَاقِلَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِنِ ادَّعَوْا قَتْلَ خَطَأٍ، وَإِنِ ادَّعَوْا قَتْلَ عَمْدٍ فَمِنْ مَالِهِ، وَلَا قَوَدَ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى وُجُوبِ الْقَوَدِ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْثٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ ثُمَّ هَلْ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً أَمْ خَمْسِينَ يَمِينًا؟ فِيهِ قَوْلَانِ: (أَحَدُهُمَا) يَمِينًا وَاحِدَةً كَمَا فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى (وَالثَّانِي) يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا تَغْلِيظًا لِأَمْرِ الدَّمَ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵁: لَا حُكْمَ لِلَّوْثِ [وَلَا يَزِيدُ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي] (٣) وَقَالَ: إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ يَخْتَارُ الْإِمَامُ خَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ صُلَحَاءِ أَهْلِهَا فَيُحَلِّفُهُمْ أَنَّهُمْ مَا قَتَلُوهُ وَلَا عَرَفُوا لَهُ قَاتِلًا ثُمَّ يَأْخُذُ الدِّيَةَ مِنْ سُكَّانِهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْبِدَايَةَ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي عِنْدَ وجود اللوث: [ما أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ الْخَلَّالِ أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ أَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ] (٤) عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ فَتَفَرَّقَا لِحَاجَتِهِمَا فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ فَانْطَلَقَ هُوَ وعبد الرحمن ١٤/أأَخُو الْمَقْتُولِ وَحُوَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ

(١) أخرجه الطبري: ٢ / ١٨٤، وذكره ابن كثير: ١ / ١٩٤ بتحقيق الوادعي. (٢) في الأصل: اللوث. (٣) في ب: لا يبدأ بيمين المدعي. (٤) ساقط من الأصل، وهو في (ب) .

1 / 109