[33]
قوله تعالى : { قال يآءادم } ؛ الأدمة : لون مشرب بسواد ؛ وقيل : هي كل لون يشبه لون التراب ؛ فلما ظهر عجز الملائكة قال الله تعالى : يا آدم ؛ { أنبئهم بأسمآئهم } ؛ أي أخبرهم بأسمائهم ؛ فسمى كل شيء باسمه وألحق كل شيء بجنسه ، { فلمآ أنبأهم بأسمآئهم قال } ، الله : { ألم أقل لكم } ، يا ملائكتي ، { إني أعلم غيب السماوات والأرض } ، وما كان فيها وما يكون ، { وأعلم ما تبدون } ، من الخضوع والطاعة لآدم ، { وما كنتم تكتمون } ؛ في أنفسكم له من العداوة ؛ وقيل : ما تبدون من الإقرار بالعجز والاعتذار وما كنتم تكتمون من الكراهة في استخلاف آدم عليه السلام.
وقيل : معناه : أعلم ما أظهرتم من الطاعة وما أضمر إبليس من المعصية لله تعالى في الأمر بالطاعة لآدم عليه السلام ؛ وذلك أن الله تعالى لما صور آدم ورآه إبليس قال للملائكة الذين معه : أرأيتم هذا الذي لم تروا من الخلائق مثله إن أمركم الله بطاعته ماذا تصنعون ؟ قالوا : نطيع. وأضمر الخبيث في نفسه أنه لا يطيع. وقيل : معناه : { أعلم ما تبدون } يعني قولهم : { أتجعل فيها من يفسد فيها }[البقرة : 30] ، { وما كنتم تكتمون } يعني قولهم : لن يخلق الله خلقا أفضل ولا أكرم ولا أعلم عليه منا.
فإن قيل في قوله تعالى : { أنبئوني بأسمآء هاؤلاء }[البقرة : 31] أمر تكليف ما لا يطاق ؛ فهل يجوز تكليف ما لا يطاق ؟ قلنا : الصحيح أنه ليس بتكليف. وهذا كمن يلقي المسألة على من يتعلم منه ، فيقول : أخبرني بجواب هذه المسألة ؟ ولا يريد بذلك أن يأمره بجوابها ؛ لأنه يعلم أنه لا يعرفه. بل يقصد أن يقرر عليه أنه لا يعرف جوابها ؛ ليكون أشد حرصا على تعلم تلك المسألة.
Page 37