وهو الكتاب الأفضل مبيعا لعام 2015، وفيه توظف الدكتورة فرانسيس جنسين، أستاذة علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة بنسلفانيا، خبرتها المهنية في مهمة استكشاف النمو العقلي والسلوكي لدى الشباب، بمن فيهم ولداها المراهقان.
وبعد عرض تحليلي للأبحاث التي تتناول كيفية نمو أجزاء الدماغ وطريقة عملها منفردة ومجتمعة، وذلك بالاستفادة من تقدم التكنولوجيا في مجال تصوير الدماغ، أوضحت جنسين أنه مثلما تتسم مرحلة الطفولة بتوسع هائل في القدرات الإدراكية في مجالات مثل اللغة والمهارات الحركية، تتسم المراهقة أيضا بالنمو السريع لأجزاء الدماغ التي تتحكم في التفكير المنطقي. وعلى الرغم من أن الدماغ قد لا ينمو من حيث الكتلة بينما يصل الأطفال إلى تلك المرحلة في حياتهم، فإن الوصلات المشبكية العصبية الموجودة بين العصبونات، التي تحدد تعقيد الدماغ وتحكم مستويات القدرات العقلية، تستمر في التمدد بسرعة وإن لم يكن ذلك بالتساوي، بينما يبلغ الأطفال مرحلة المراهقة.
إن نمو الوصلات التي تدعم التفكير المنطقي يسهم في تفسير النمو السريع في قدرة الشباب على الجدال والحجاج في انتقالهم من مرحلة المراهقة المبكرة إلى الشباب، سواء أكان ذلك في كتابة الواجبات المدرسية أو المناظرات التنافسية أو التوسل من أجل تأخير موعد النوم أو أخذ مفاتيح السيارة. ويسهم عدم التساوي في النمو الذي توثقه جنسين، في تفسير السبب في أن مهارات التفكير المنطقي التي غالبا ما تظهر لدى المراهقين، لا تترجم إلى أحكام أفضل على نطاق شئون الحياة اليومية.
مثلما تتسم مرحلة الطفولة بتوسع هائل في القدرات الإدراكية في مجالات مثل اللغة والمهارات الحركية، تتسم المراهقة أيضا بالنمو السريع لأجزاء الدماغ التي تتحكم في التفكير المنطقي.
لقد اتضح للعلماء أن نمو الدماغ يجري على نحو «معكوس»؛ بمعنى أن قشرة الفص الجبهي، التي تقع خلف مقدمة الرأس، وهي جزء مرتبط باتخاذ القرارات والتحكم في النفس، لا «تتصل» كليا بأجزاء الدماغ الأخرى التي تتحكم في التفكير المنطقي المنهجي إلى أن يبلغ الفرد ما بين أوائل العشرينيات من عمره إلى أوسطها. ويساعد هذا في تفسير سلوك الطلاب؛ إذ يقضون وقت الصباح في أداء اختبارات يتفوقون فيها ويحاجون عن مواقفهم بمهارة في مناقشات الفصل الدراسي، بينما ينخرطون مساء في تصرفات تتسم بالمخاطرة أو يتخذون خيارات حمقاء.
وعلاوة على مساعدة الأطفال والآباء في فهم الأنماط السلوكية التي تظهر مع مرحلة المراهقة فهما أفضل، توضح هذه الاكتشافات النفسية أن مرحلة المراهقة هي التوقيت المثالي كي يتعرف الطلاب على أنماط منظمة من التفكير المنطقي والحجاج للاستفادة من القدرات الطبيعية التي تزداد بالفعل في تلك المرحلة من حياتهم.
وبالرغم من أن الأبحاث المتعلقة بنمو الدماغ تحدد فترة معينة (المرحلة الثانوية)، هي التي يمكن أن يستوعب الطلاب فيها مهارات التفكير النقدي، فلا يوجد حد أدنى واضح بشأن العمر الذي تبدأ فيه قدرات التفكير النقدي في النمو لدى الأطفال.
فعلى سبيل المثال، اكتشفت دراسة أجريت عام 2013 في المملكة المتحدة أن تدريس الفلسفة لطلاب المرحلة الابتدائية كان له وقع إيجابي ملحوظ على مختلف مقاييس التحصيل التعليمي، بما في ذلك مجالات مهارات القراءة والكتابة والرياضيات، وقد برز هذا التأثير على وجه الخصوص بين المتعلمين ذوي الدخول المنخفضة.
18
وكان برنامج «الفلسفة من أجل الأطفال» الذي فحصته الدراسة السابقة الذكر، من تصميم جمعية النهوض بالبحث الفلسفي والتفكير في التعليم (SAPERE) . وتضمن البرنامج إشراك الطلاب في مناظرات فلسفية حقيقية بشأن أسئلة مثل «ما الحقيقة؟» أو قضايا أخلاقية مثل التنمر. خلال إحدى المراحل التجريبية، عقدت المناقشات على مدار عدة أشهر بمعدل مرة في الأسبوع (في المتوسط)، وكان يوجهها معلمون تلقوا التدريب في منهجية برنامج «الفلسفة من أجل الأطفال».
Unknown page