224

Ṣuwar wa-khawāṭir

صور وخواطر

Publisher

دار المنارة للنشر والتوزيع

Edition Number

العاشرة

Publication Year

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

Publisher Location

جدة - المملكة العربية السعودية

Genres

ولكنه عارم الشهوة جامح الغريزة، لا حديثَ له إلا عنها ولا خَوْضَ إلا فيها، قد كفّ عن الحرام جوارحَه وأطلق فيه لسانه، فهو يؤذيك بإثارة الخامد من رغبتك وإيقاظ الهاجع من غريزتك.
ومن هو صالح في نفسه، أمين في معاملته، عفُّ اللسان طاهر الذيل، ولكنه لا ينفع صديقًا ولا يسعد صاحبًا، ولو كان على الفرات وأنت تتحرق من الظمأ ما ناولك كأسَ ماء!
ومن يخدم صديقه ويُسِرّه، ولكنه لا يبالي في خدمته ومسرته أن يعطيه من دينه، فيخون من أجله أمانتَه، ومن عرضه، فيُنيله من باب الحرام لذته، ومن شرفه، فيعينه على أكل حقوق الناس وسرقة أموالهم، يرى كل ذلك في سبيل الصداقة جائزًا مباحًا، فيأخذ بيدك حتى يدخلك معه جهنم.
ومن هو دَيّن في نفسه مُعين لصديقه، واقف عند حدود الله، لا يقارف إثمًا ولا يباشر محرَّمًا، ولكنه يجهل طرائق المعاشرة وآداب المؤاكلة وكلَّ ما تواضع عليه المهذبون من الناس، فيأتي بما تَغْثي منه نفسُك وتَهيج أعصابُك.
ومن هو أحمق رقيع، أو فَحّاش طَيّاش، ومَن يصادقك لحسَبَك أو منصبك، فهو يتخذك زينة ليومه وعدّة لغده، فأنت عند حلية تجمّل الجدار!
* * *
والخلاصة أن الأصحاب خمسة: فصاحب كالهواء لا يُستغنى عنه، وصديق كالغذاء لا عيش إلا به، ولكن ربما ساء

1 / 236