Ṣuwar min ḥayāt al-ṣaḥāba
صور من حياة الصحابة
Publisher
دار الأدب الاسلامي
Edition
الأولى
Genres
وَقَدْ دَأَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ حَتَّى بَلَغَ فِيهِ مَبْلَغًا أَذْهَشَ الفُحُولَ ...
فَقَالَ فِيهِ مَسْرُوقُ بنُ الأَجْدَعِ أَحَدُ كِبَارِ التَّابِعِينَ(١):
كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قُلْتُ: أَجْمَلُ النَّاسِ ...
فَإِذَا نَطَقَ قُلْتُ: أَفْصَحُ النَّاسِ ...
فَإِذَا تَحَدَّثَ قُلْتُ: أَعْلَمُ النَّاسِ.
* * *
وَلَمَّا اكْتَمَلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا طَمَحَ إِلَيْهِ مِنَ الْعِلْمِ تَحَوَّلَ إِلَى مُعَلِّمٍ يُعَلِّمُ النَّاس.
فَأَصْبَحَ بَيْتُهُ جَامِعَةً لِلْمُسْلِمِينَ ...
نَعَمْ أَصْبَحَ جَامِعَةً بِكُلِّ مَا تَعْنِيهِ هَذِهِ الكَلِمَةُ فِي عَصْرِنَا الحَدِيثِ ...
وَكُلُّ مَا بَيْنَ جَامِعَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَامِعَاتِنَا مِنْ فَرْقٍ، هُوَ أَنَّ جَامِعَاتِ الْيَوْمِ يُحْشَدُ فِيهَا عَشَرَاتُ الأَسَاتِذَةِ، وَأَحْيَانًا المِئَاتُ ...
أَمَّا جَامِعَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَدْ قَامَتْ عَلَى أَكْتَافِ أُسْتَاذٍ وَاحِدٍ، هُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَفْسُهُ.
رَوَى أَحَدُ أَصْحَابِهِ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَجْلِسًا لَوْ أَنَّ جَمِيعَ قُرَيْشِ افْتَخَرَتْ بِهِ لَكَانَ لَهَا مَفْخَرَةً ...
فَلَقَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ اجْتَمَعُوا فِي الطُّرُقِ الْمُؤَدِّيَّةِ إِلَى بَيْتِهِ حَتَّى ضَاقَتْ بِهِمْ،
(١) التابعون: هم الرعيل الأول بعد صَحابة النبي ﷺ، وقد قسمهم علماء الحديث إِلَى طبقات، أولهم من لحقّ العشرة المبشرين بالجنة وآخرهم من لَقِيّ صغار الصّحابة أو من تأخرت وفاتهم ... انظر كتاب ((صور من حياة التّابعين)) للمؤلف، الناشر دار الأدب الإسلامي، الطبعة المشروعة.
184