Ṣuwar min ḥayāt al-ṣaḥāba
صور من حياة الصحابة
Publisher
دار الأدب الاسلامي
Edition
الأولى
Genres
وَإِنَّمَا كُنْتُ أَفْعَلُ ذَلِكَ لِأُطَيِّبَ نَفْسَهُ.
فَإِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ رَآنِي عَلَى هَذِهِ الحَالِ، وَقَالَ:
يَا بْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ، مَا جَاءَ بِكَ؟! ...
هَلَّا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ؟.
فَأَقُولُ: أَنَا أَحَقُّ بِالمَجِيءِ إِلَيْكَ، فَالْعِلْمُ يُؤْتَى وَلَا يَأْتِي، ثُمَّ أَسْأَلَهُ عَنِ الحَدِيثِ.
***
وَكَمَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُذِلُّ نَفْسَهُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ؛ فَقَدْ كَانَ يُعْلِي مِنْ قَدْرِ العُلَمَاءِ.
فَهَا هُوَ ذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ (١) كَاتِبُ الْوَحْيِ وَرَأْسُ أَهْلِ المَدِينَةِ فِي الْقَضَاءِ وَالْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْفَرَائِضِ (٢) يُهَمُّ بِرُكُوبِ دَابَّتِهِ فَيَقِفُ الْفَتَى (الْهَاشِمِيُّ) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وِقْفَةَ العَبْدِ بَيْنَ يَدَيْ مَوْلَاهُ، وَيُمْسِكُ لَهُ رِكَابَهُ، وَيَأْخُذُ بِزِمَامِ دَابَّتِهِ.
فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ: دَعْ عَنْكَ يَا بْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَكَذَا أُمِرْنَا أَنْ نَفْعَلَ بِعُلَمَائِنَا.
فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ: أَرِنِي يَدَكَ ...
فَأَخْرَجَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ يَدَهُ، فَمَالَ عَلَيْهَا وَقَبَّلَهَا وَقَالَ:
هَكَذَا أُمِرْنَا أَنْ نَفْعَلَ بِأَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّنَا.
(١) زيد بن ثابت: انظره ص ٣٦٢.
(٢) الفرائض: عِلْم قسمة التركة عَلَى مستحقيها.
183