Ṣuwar min ḥayāt al-ṣaḥāba
صور من حياة الصحابة
Publisher
دار الأدب الاسلامي
Edition Number
الأولى
Genres
قَالَ عَدِيٍّ:
فَهَيَأْتُ جَهَازِي(١) وَمَضَيْتُ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي المَدِينَةِ، مِنْ غَيْرِ أَمَانٍ وَلَا كِتَابٍ، وَكَانَ بَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ:
إِني لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ يَدَ عَدِيٍّ فِي يَدِي، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ - وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ.
فَقَالَ: (مَنِ الرَّجُلُ؟).
فَقُلْتُ: عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، فَقَامَ إِلَيَّ، وَأَخَذَ بِيَدِي وَانْطَلَقَ بِي إِلَى بَيْتِهِ.
فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَاضٍ بِي إِلَى البَيْتِ إِذْ لَقِيَتْهُ امْرَأَةٌ ضَعِيفَةٌ كَبِيرَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ صَغِيرٌ فَاسْتَوْقَفَتْهُ، وَجَعَلَتْ تُكَلِّمُهُ فِي حَاجَةٍ لَهَا، فَظَلَّ مَعَهُمَا حَتَّى قَضَى حَاجَتَهُمَا وَأَنَا وَاقِفٌ...
فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَاللَّهِ مَا هَذَا بِمَلِكٍ.
ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي وَمَضَى بِي حَتَّى أَثْنَى مَنْزِلَهُ، فَتَنَاوَلَ وِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ(٢) مَحْشُوَّةً لِيفاً، فَأَلْقَاهَا إِلَيَّ وَقَالَ:
(اجلِسْ عَلَى هَذِهِ).
فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَقُلْتُ: بَلْ أَنْتَ تَجْلِسُ عَلَيْهَا.
فَقَالَ ﷺ: (بَلْ أَنْتَ).
فَامْتَثَلْتُ وَجَلَسْتُ عَلَيْهَا، وَجَلَسَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى الأَرْضِ إِذْ لَمْ تَكُنْ فِي البَيْتِ سِوَاهَا.
فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَاللَّهِ مَا هَذَا بِأَمْرِ مَلِكٍ.
(١) الجهاز: ما يتجهز به المسافر لسفره.
(٢) الأدم: الجلد.
140