135

Ṣuwar min ḥayāt al-ṣaḥāba

صور من حياة الصحابة

Publisher

دار الأدب الاسلامي

Edition Number

الأولى

قَالَ عَدِيٌّ:

ثُمَ جَعَلْنَا بَعْدَ ذَلِكَ نَتَنَسَّمُ (١) أَخْبَارَهَا، وَنَتَرَقَّبُ قُدُومَهَا، وَنَحْنُ لَا نَكَادُ نُصَدِّقُ مَا رُوِيَ لَنَا مِنْ خَبَرِهَا مَعَ مُحَمَّدٍ وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهَا كُلَّ ذَلِكَ الإِحْسَانِ، مَعَ مَا كَانَ مِنِّي تِجَاهَهُ.

فَوَاللَّهِ إِنِّي لَقَاعِدٌ فِي أَهْلِي إِذْ أَبْصَرْتُ امْرَأَةً فِي هَوْدَجِهَا (٢) تَتَّجِهُ نَحْوَنَا، فَقُلْتُ:

ابْنَةُ حَاتِمٍ، فَإِذَا هِيَ هِيَ.

فَلَمَّا وَقَفَتْ عَلَيْنَا بَادَرَتْنِي بِقَوْلِهَا:

القَاطِعُ (٣) الظَّالِمُ...

لَقَدِ احْتَمَلْتَ (٤) بِأَهْلِكَ وَوَلَدِكَ وَتَرَكْتَ بَقِيَّةَ وَالِدِكَ وَعَوْرَتِكَ (٥).

فَقُلْتُ: أَنْ أُنْهِي، لَا تَقُولِي إِلَّا خَيْرًا... وَجَعَلْتُ أَسْتَرْضِيهَا حَتَّى رَضِيَتْ، وَقَصَّتْ عَلَيَّ خَبَرَهَا، فَإِذَا هُوَ كَمَا تَنَامَى (٦) إِلَيَّ، فَقُلْتُ لَهَا - وَكَانَتِ امْرَأَةً حَازِمَةً عَاقِلَةً -:

مَا تَرَيْنَ فِي أَمْرِ الرَّجُلِ؟ [يَعْنِي مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلَامُ]، فَقَالَتْ:

أَرَى - وَاللَّهِ - أَنْ تَلْحَقَ بِهِ سَرِيعًا، فَإِنْ تَكُنْ نَبِيًّا فَلِسَابِقِ إِلَيْهِ فَضْلُهُ...

وَإِنْ يَكُنْ مَلِكًا فَلَنْ تُذَلَّ عِنْدَهُ وَأَنْتَ أَنْتَ.

***

(١) نتنسم أخبارها: نتبع أخبارها شوقًا دقيقًا.

(٢) الهودج: محمل له قبة يوضع فوق الناقة لتركب فيه النساء.

(٣) القاطع: أي القاطع رحمه.

(٤) لقد احتملت بأهلك: لقد أخذت أهلك.

(٥) عورة الرجل: كل ما يخشى عليه ويستره.

(٦) تنامى إليَّ: بلغني.

139