347

al-Suluk fi tabaqat al-ʿulamaʾ wa-l-muluk

السلوك في طبقات العلماء والملوك

Investigator

محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي

Edition Number

الثانية

ذَاك بتعز فَقَرَأَ غَالب كتب المسموعات خَاصَّة من كتب الحَدِيث على ابْن السرددي وَغَيره من أهل تعز ثمَّ نسخ عدَّة مجلدات ثمَّ مُقَدمَات قَرَأت ووقف ذَلِك على أَمَاكِن عديدة مِنْهَا تربة ذِي عقيب وَمِنْهَا مدرسته وَغير ذَلِك ووقف على مدرسته بإب أَيْضا وَقفا جاملا وَبنى سدا بِموضع فِي المخلاف يعرف بسد فرقة وَلم يزل على أحسن طَرِيق من قبل وَفَاته بعدة سِنِين إِلَى أَن توفّي على ذَلِك ثَلَاث عشر ذِي الْحجَّة آخر سنة سبع وَسبعين وسِتمِائَة بعد أَن بلغ عمره نيفا وَسِتِّينَ سنة وعقبه من خير أَوْلَاد الْأُمَرَاء يغلب عَلَيْهِم الْخَيْر وَفعل الْمَعْرُوف حَتَّى مواليهم بِحَيْثُ اعْتبرت ذَلِك فَوَجَدته حَقًا صدقا وَخلف عدَّة أَوْلَاد فأفضلهم أَبُو بكر كَانَ عَارِفًا بِعلم الْأَدَب وَله أشعار جَيِّدَة مِنْهَا قَوْله ... إِذا لم أقاسمك المسرة والأسى ... وَلم أجد الوجد الَّذِي أَنْت وَاجِد
وَلم أسهر اللَّيْل الطَّوِيل كآبة ... فَمَا أَنا مَوْلُود وَلَا أَنْت وَالِد ... وهما من قصيدة كَبِيرَة كتبهَا إِلَى أَبِيه فِي السجْن وَتزَوج الْملك المظفر ابْنَته مِنْهُ قبل الْحَبْس وَكَانَت من أخير نسَاء الْمُلُوك فِي الدّين وَالصَّدََقَة وابتنت مدرسة بمغربة تعز بحافة الميهال ووقفت عَلَيْهِ وَقفا عَظِيما لَكِن ضعفه سوء نظر النظار وَلها من المظفر ابْنه الواثق والحرة مَاء السَّمَاء يَأْتِي ذكر الواثق إِن شَاءَ الله فِي الْمُلُوك وَأما الْحرَّة مَاء السَّمَاء فَهِيَ إِحْدَى أخيار الخواتين كَثِيرَة الشَّفَقَة على أَهلهَا وَالْإِحْسَان إِلَى ذُرِّيَّة جدها أَسد الدّين وَالصَّدََقَة على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَلها من الْآثَار المبقبة للذّكر مدرسة ابتنتها بزبيد وَمَسْجِد كَانَ لجدها بدر الدّين بزبيد أَيْضا وَكَانَ قد خرب فابتنته مُخْتَصرا ووقفت عَلَيْهِ وعَلى الْمدرسَة وَقفا جاملا لدرسه وأيتام يتعلمون ومدرس يقرىء الدرسة الْعلم الشريف وابتنت بتعز فِي حدبة مَسْجِدا أَيْضا وَجعلت عَلَيْهِ وَقفا يقوم بِإِمَام ومؤذن وأيتام ومعلم جزاها الله خيرا وَالْغَالِب عَلَيْهَا وعَلى من يلوذ بهَا الْخَيْر فِي الْمقَال والفعال وَهِي آخر ذُرِّيَّة أَسد الدّين فِي اسْتِحْقَاق الذّكر

1 / 405