al-Suluk fi tabaqat al-ʿulamaʾ wa-l-muluk
السلوك في طبقات العلماء والملوك
Investigator
محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي
Edition Number
الثانية
بهَا ونواحيها فأرشد إِلَى الْفَقِيه أبي بكر بن نَاصِر فاستدعاه من الذنبتين فَلَمَّا حضر بقصر الْجند وَسلم قَالَ يَا فَقِيه نُرِيد مِنْك أَن تدرس لنا بِهَذِهِ الْمدرسَة فَقَالَ لَا أفرغ وَأَنا رجل بدوي لَا أقدر على الْمَدِينَة قَالَ فتبيعنا كتبك قَالَ وَلَا ذَلِك وَذَلِكَ بِحَضْرَة الْأَمِير عَليّ بن يحيى قَالَ لَهُ الْمَنْصُور فَتخرج من بِلَادنَا قَالَ نعم ثمَّ ولى خَارِجا عَازِمًا على ذَلِك فَقَالَ عَليّ بن يحيى الله الله يَا مَوْلَانَا رجل عَلامَة تَأمره أَن يخرج من بلدك وَمثله يطْلب من أقْصَى الْبِلَاد فَقَالَ مَا وجدنَا لَهُ جَوَابا إِلَّا قَول لَا قَالَ سَأَلته أمرا عَظِيما وَهُوَ بيع كتبه فَأجَاب بأشق جَوَاب ثمَّ قَالَ يَا مولَايَ إِن الْفَقِيه أشق الْأُمُور عَلَيْهِ هُوَ بيع كتبه فَأمر السُّلْطَان برده وَقَالَ لَهُ قف بَيْتك فَمَا لأحد عَلَيْك تعرض وادع لنا فَخرج الْفَقِيه وَعَاد بَلَده طيبا وسأذكر قصَّته مَعَ ابْن فضل فِي ذكره وابتنى مدرسة بِبَلَدِهِ وَهِي الَّتِي قبر بهَا ووقف عَلَيْهَا وَقفا جاملا لَكِن أَوْلَاده لما افتقروا عَادوا عَلَيْهِ واستأثروا بِهِ وَكَانَ مَعَ صحبته للفقهاء وَالصَّالِحِينَ يتواضع ويتأدب مَعَهم وَيقبل شفاعتهم وَكَانَ فِي نَاحيَة من بلد بني حُبَيْش رجل من الْفُقَهَاء والصلحاء يعرف بِعَبْد الله القرين رُبمَا يَأْتِي من ذكره مَا لَاق كَانَ عَليّ بن يحيى يَصْحَبهُ إِذْ كَانَت بِلَاده إقطاعة وَكَانَ مهما أمره بِهِ ائتمر وَكَانَ الْفَقِيه يَدْعُو لَهُ ويذكره بِالْخَيرِ فعوتب على ذَلِك وَقيل لَهُ هَذَا رجل ظَالِم فَقَالَ إِن دخل عَليّ بن يحيى النَّار فَإِنَّهَا صُحْبَة حمَار بن حمَار وَالله لَا مَاتَ إِلَّا طَاهِرا مطهرا فَقيل لَهُ وَمَا تَطْهِيره قَالَ الْقَيْد وَالْحَبْس فَلَمَّا حصل لَهُ ذَلِك وَمَات بِهِ علم صدق الْفَقِيه وَكَانَت وَفَاته يَوْم الِاثْنَيْنِ فِي صفر سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَحمل إِلَى بَلَده فقبر بمدرسته
وَأما أَسد الدّين الْعَارِض ذكره مَعَه فَهُوَ مُحَمَّد بن حسن بن عَليّ بن رَسُول أحد خِيَار بني رَسُول وكرامهم قَلما قَصده قَاصد إِلَّا وأناله قَصده وأجزل رفده وَله آثَار جَيِّدَة مبقية للذّكر مِنْهَا مدرسة بِمَدِينَة إب ثمَّ مدرسة بقرية الجبابي وَبهَا قَبره وَعَلَيْهَا وقف كثير شَيْء مِنْهُ للوافد يطعم على قدر حَاله وَمِنْهَا للدرسة ومدرس ثمَّ لما صَار بالسجن اشْتغل بِقِرَاءَة كتب الْعلم وَكَانَ يَسْتَدْعِي بالفقهاء إِلَى مَوْضِعه فَيقْرَأ عَلَيْهِم وَيحسن إِلَيْهِم لَا سِيمَا شَيخنَا الْفَقِيه أَحْمد السرددي إِذْ كَانَ رَأس الْمُحدثين إِذْ
1 / 404