al-Suluk fi tabaqat al-ʿulamaʾ wa-l-muluk
السلوك في طبقات العلماء والملوك
Investigator
محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي
Edition Number
الثانية
بِحَدِيث أسْندهُ إِلَى النَّبِي ﷺ وَقَالَ إِنَّمَا أوردت هَذِه الْأَحَادِيث مُسندَة لَا تنظم بسلك أحد طَرفَيْهِ مُتَّصِل إِلَى النَّبِي ﷺ وَلم يزل قَائِما بكفالة أَوْلَاد سَيّده حَافِظًا لحصن الدملوة حفظا مرضيا وَأمره نَافِذ بعدن ونواحيها وَهُوَ مصَالح لبني مهْدي على ذَلِك بِمَال يحملهُ كل عَام حَتَّى قدمت الغز فَأخذ توران عدن وَلزِمَ يَاسر بن بِلَال وَعَبده السدُوسِي مِفْتَاح فوسطهما وَقيل شنقهما ولزومهم وتوسيطهم بِذِي عدينه سنة إِحْدَى وَسبعين وَخَمْسمِائة ثمَّ عَاد إِلَى مصر على مَا سَيَأْتِي بَيَان ذَلِك إِن شَاءَ الله
وجوهر هَذَا بَاقٍ على الحزم والعزم بحصن الدملوة وَلم يزل كَذَلِك على الطَّرِيق المرضي من الدّين وَالدُّنْيَا حَتَّى هلك توران وَقدم سيف الْإِسْلَام بالتاريخ الْآتِي وَبَاعَ مِنْهُ الْحصن حِين رَآهُ وَقد غلب على كثير من الْحُصُون والمدن وَعلم أَن لَا طَاقَة لَهُ بمقاومته وَذَلِكَ بتاريخ سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة كَمَا سَيَأْتِي وَلما بَاعه اشْترط أَن لَا ينزل من الْحصن وَلَا يطلع لَهُم نَائِب حَتَّى يكون جَمِيع عِيَال سَيّده قد جاوزوا الْبَحْر وَأَنَّهُمْ يركبون من المخا أَو نَحوه فَأَجَابَهُ سيف الْإِسْلَام إِلَى ذَلِك لما علمه من صعوبة الْحصن فحين وثق وَسلم لَهُ المَال وَلَا أَدْرِي كم مبلغه جهز أَوْلَاد سَيّده من الْبَنِينَ وَالْبَنَات إِلَى سَاحل المخاء وتجهز مَعَهم بزِي امْرَأَة مِنْهُم وَأخذ مصونهم حَتَّى جَاءَ السَّاحِل ركب الْبَحْر وَقد لَهُ سفن هُنَالك معدة فَركب وسافر إِلَى أَرض الْحَبَشَة وَقد ترك كَاتبا فِي الْحصن يكْتب مَا يحْتَاج ويجهز بَقِيَّة مَا يَلِيق تَجْهِيزه وَيُوجد الغز أَن الطواشي بَاقٍ فِي الْحصن وَكَانَ قد كتب عدَّة أوراق عَلَيْهَا علامته وَكَانَ الغز قد أضمروا الْغدر بالطواشي وَأَنه مَتى نزل من الْحصن لزموه وَأخذُوا مِنْهُ مَا قَبضه وَزِيَادَة عَلَيْهِ وَلما فرغ مَا فِي الْحصن من قماش وَغَيره وَنزل الْكَاتِب وَقد صَار الطواشي وَمَا مَعَه من وَرَاء الْبَحْر فَسئلَ الْكَاتِب عَنهُ فَقَالَ هُوَ فِي أول من نزل فَعجب سيف الْإِسْلَام مِنْهُ وَقَالَ كَانَ يَنْبَغِي استخلافه وإبقاؤه فِي الْحصن فَقل وجود مثله فِي دينه وحزمه وعزمه وَلم يزل الطواشي بِالْحَبَشَةِ حَتَّى هلك هُنَالك وَأَوْلَاد سَيّده وَله فِي جَزِيرَة الْعَرَب من الْآثَار المتبقية للذّكر مَعَ السِّيرَة المرضية عدَّة مآثر مِنْهَا أَنه نسخ بِيَدِهِ عدَّة مُقَدمَات ووقفها فِي أَمَاكِن مُتَفَرِّقَة مِنْهَا فِي جَامع الْجند ثَلَاثُونَ جُزْءا ختمة كَامِلَة وَنَحْوهَا رَأَيْتهَا بوادي عميد مَعَ ذُرِّيَّة الْفَقِيه عَليّ بن سَالم وَقفهَا بحياة الْفَقِيه وَلَو لم يكن لَهُ غير جَامع عمق الَّذِي تقدم ذكره فَإِنَّهُ بناه أحسن بِنَاء ووقف عَلَيْهِ
1 / 384