325

al-Suluk fi tabaqat al-ʿulamaʾ wa-l-muluk

السلوك في طبقات العلماء والملوك

Investigator

محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي

Edition Number

الثانية

فَقِيها متفننا بالفقه والنحو واللغة تفقه فِي بدايته بِبَعْض أَهله وَأخذ النَّحْو عَن مُحَمَّد بن سعيد الْحِمْيَرِي وَحج مَكَّة فَأدْرك ابْن حسن فَأخذ عَنهُ وَعَن من وجد بِمَكَّة حِينَئِذٍ
قَالَ بعض الْفُقَهَاء من أهل ناحيته حِين سَأَلته عَن حَقِيقَة أمره هُوَ شيخ الْأَدَب إِلَيْهِ انْتهى الْعلم وَالْفضل وَالْفِقْه وَالدّين والكمال والورع وَالصَّلَاح لم يكن فِيمَن علمت مثله قبله وَلَا بعده فِي كَمَال طَرِيقه وَحسن تَحْقِيقه وَكَانَت وَفَاته فِي آخر المئة السَّابِعَة وانتجع عَن الْبَلَد مِنْهُم أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد تفقه بمصنعة سير وتفقه بالأصبحي وَكَانَ أفقه أَصْحَابه وأدركته يدرس فِيهَا وَأخذت عَنهُ بعض كَافِي الصردفي وَسَيَأْتِي ذكره فِي مدرسي المصنعة وهم بَيت علم وَصَلَاح
وَلَقَد كتب فَقِيه ناحيتهم فِي عصرنا الْآتِي ذكره إِلَيّ حِين كتبت إِلَيْهِ أسأله عَن الْفُقَهَاء بناحيته فَأَخْبرنِي عَن ذَلِك حَتَّى جَاءَ إِلَى ذكر هَؤُلَاءِ بني عبد الْملك فَقَالَ وَأما السَّادة بَنو عبد الْملك فِي عمق فهم الْفُضَلَاء الْقُضَاة الْعلمَاء الأتقياء الْأَبْرَار الأخيار المنتخبون مِمَّن سمعنَا مِنْهُم وعد جمَاعَة مِمَّن ذكرنَا
وَقد عرض ذكر الشَّيْخ جَوْهَر فِي غير هَذَا الْموضع لَكِن رَأَيْت ذكره هُنَا أولى لكَونه من ناحيته وَمِمَّنْ لَهُ على هَؤُلَاءِ الْقَوْم إفضال وَأَنه مَعْدُود من أَعْيَان الْفُضَلَاء وَهُوَ أَبُو الدّرّ جَوْهَر بن عبد الله المعظمي كَانَ أستاذا حَبَشِيًّا من موَالِي الزريعيين ونسبته المعظمي إِلَى الدَّاعِي مُحَمَّد بن سبأ فَإِنَّهُ كَانَ يلقب بالمعظم وَخَلفه فِي حصن الدملوة وَسَيَأْتِي ذكره أَعنِي سَيّده فِي الْمُلُوك
وَلما توفّي الْمُعظم خَلفه ابْنه عمرَان الملقب بالمكرم أبقى جوهرا على نِيَابَة الدملوة ثمَّ لما دنت وَفَاته جعله وَصِيّا على أَوْلَاده وَكَانُوا يَوْمئِذٍ صغَارًا كلهم فنقلهم من عدن إِلَى الدملوة وَأكْرمهمْ وَقَامَ بكفايتهم أحسن قيام وعضده فِي ذَلِك الشَّيْخ يَاسر بن بِلَال بن جرير المحمدي إِذْ كَانَ وزيرا لعمران ومديرا لدولته كَمَا كَانَ أَبوهُ مَعَ أَبِيه كَمَا سَيَأْتِي بَيَان ذَلِك إِن شَاءَ الله وَكَانَ جَوْهَر عبدا مُبَارَكًا تقيا ومشتغلا بِالْعلمِ أجمع فُقَهَاء عصره على تَسْمِيَته بِالْحَافِظِ وَكَانَ مَعَ ذَلِك فَقِيها مقرئا قل أَن يحفظ شَيْئا فينساه وَله مصنفات فِي علم الْقُرْآن والْحَدِيث والوعظ وَكَانَ يسلم من مَذْهَب موَالِيه ويعتمد خطه فُقَهَاء زَمَانه من أهل السّنة يواصلهم ويواصلونه وَمن كتبه الَّتِي صنفها فِي المواعظ كتاب سَمَّاهُ تذكرة الأخيار ومدخرة الأشرار وَمَا أحسن قَوْله فِي خطبَته لما علمت أَن الْمَوْت موردي والقبر مشهدي جعلته تَنْبِيها لنَفْسي من الْغَفْلَة وَتَذْكِرَة لي قبل يَوْم الرحلة لَعَلَّ يتغمدني الله بِالْعَفو عَن قَبِيح مَا أسديته ويتجاوز عَن شنيع مَا جنيته
وَأفهم من هَذِه الْخطْبَة أَنه قد عمل كتابين أَحدهمَا كتاب الْمُنَاجَاة والأدعيات وَالْآخر كتاب الرسائل وشريط الْوَسَائِل وَله كتاب سَمَّاهُ اللؤلؤيات جعله فصولا فِي المواعظ واستفتح كل فصل مِنْهَا

1 / 383