al-Suluk fi tabaqat al-ʿulamaʾ wa-l-muluk
السلوك في طبقات العلماء والملوك
Investigator
محمد بن علي بن الحسين الأكوع الحوالي
Edition Number
الثانية
الْخُرُوج فقد ثَبت لنا عَن جمَاعَة من الصُّدُور أَنه كَانَ يدرس المذهبين مَعَ غَلَبَة أَحدهمَا عَلَيْهِ
وَلما صَار صَدرا لمَذْهَب أبي حنيفَة كَانَ يَقُول رحم الله أَبَا إِبْرَاهِيم يَعْنِي خَاله لَو كَانَ حَيا لكفر عَن يَمِينه يَعْنِي قَوْله وَالله لَا أفلحت وَقد مضى
قَالَ شَيخنَا ﵀ مَا أرَاهُ كَانَ يكفر عَنْهَا لِأَنَّهُ لم يفلح إِذْ المعتقد أَنه انْتقل من الصَّوَاب إِلَى الْخَطَأ فَمن يعْتَقد فِيهِ ذَلِك لم تجب الْكَفَّارَة على عدم فلاحه وَكَانَت وَفَاته يَعْنِي الطَّحَاوِيّ بِأحد شهور سنة إِحْدَى وَعشْرين وثلثمئة
وَأما شيخ الطَّحَاوِيّ فِي الْمَذْهَب فَهُوَ أَبُو إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل بن يحيى بن إِسْمَاعِيل بن عَمْرو بن إِسْحَاق الْمُزنِيّ نِسْبَة إِلَى قَبيلَة من الْعَرَب تسمى مزينة بِضَم الْمِيم وَفتح الزَّاي وَسُكُون الْيَاء مثناة من تَحت وَفتح النُّون ثمَّ هَاء وهم جمع كثير وأصل بَلَده مصر وَكَانَ إِمَام الشَّافِعِيَّة وأعرفهم بمذهبه وأنقلهم لأقواله وَكَانَ زاهدا ورعا محجاجا مُجْتَهدا غواصا على دقائق الْفِقْه عَالما بجلائله
قَالَ الْأنمَاطِي قَالَ الْمُزنِيّ أَنا مُنْذُ خمسين سنة أنظر فِي كتاب الرسَالَة للشَّافِعِيّ مَا نظرت فِيهِ مرّة إِلَّا اسْتَفَدْت مِنْهُ فَائِدَة لم أستفدها قبل ذَلِك وَكَانَ كثير الْعِبَادَة لُزُوما للسّنة من أعرف النَّاس بِإِرَادَة الشَّافِعِي وفيا بِحَيْثُ يقدم نَقله عَنهُ على كل نقل وَذَلِكَ لعدالته وتحقيقه لمذهبه وَعنهُ وَبِه انْتَشَر مذْهبه انتشارا كَامِلا قَالَ الشَّافِعِي فِي حق الْمُزنِيّ نَاصِر مذهبي وَله عدَّة مصنفات مِنْهَا الجامعان الصَّغِير وَالْكَبِير ومختصر الْمُخْتَصر والمنثور والمسائل الْمُعْتَبرَة وَالتَّرْغِيب فِي الْعلم وَكتاب الوثائق وَكَانَ فِي أثْنَاء تصنيفه فِي كِتَابه الْمُخْتَصر كلما فرغ مَسْأَلَة قَامَ إِلَى الْمِحْرَاب وَصلى رَكْعَتَيْنِ شكرا لله وانتفع النَّاس بِهَذَا الْمُخْتَصر انتفاعا لم يكن لَهُ نَظِير وَأقَام أهل مَذْهَب الشَّافِعِي عَلَيْهِ عاكفين وَله دارسين وَبِه مطالعين دهرا ثمَّ كَانُوا بَين شَارِح مطول ومختصر مقلل والجميع مِنْهُم معترف أَنه لم يدْرك من حقائقه غير
1 / 221