ولكن الفجر ذا العجلة المضيئة،
5
ما كاد ينشر بهجته على الأرض حتى سمعنا من قبلهم أصواتا عالية موسيقية، تدل على فرح ونشاط، وغناء حماسة وحرب، تردده أصدية الصخور. فيملك الرعب جماعة الفرس، قد خدعت فيما كانت تنظر. وما كان النشيد الذي كانت تتغناه جيوش اليونان آية هزيمة، إنما كان تشجيعا وتحريضا. وقد كان صوت البوق يضاعف شجاعتهم ثم يصدر الأمر. فما هي إلا أن تقع المقاذيف القاطعة على الأمواج الملحة فتضطرب. وإنهم لعلى مرأى منا، يتقدم جناحهم الأيمن في نظام حسن ويتبعه سائر الجيش. ولقد كنا نسمع ألف صوت يصيح: «هلموا يا أبناء اليونان، خلصوا وطنكم، خلصوا نساءكم، وأبناءكم، ومعابد آلهتكم، وقبور أجدادكم؛ فإن موقعة واحدة لمظهرة ما أعد لهم القضاء.»
فلا يجيب الفرس على هذه الصرخة إلا بالغمغمة: وما كان لنا أن نتقي المعركة. هذه المقدمات النحاسية مقدمات السفن تصطدم، تبدأ الصدمة سفينة يونانية فتحطم سفينة فينيقية. ثم يختلط كل شيء. فيثبت أسطولنا لأول شدة، ولكن سفننا وقد كثر عددها وضاق بها المكان، لا تستطع أن يعين بعضها بعضا، فتصطدم مناقيرها الحديدية وتتحطم مقاذيفها، وقد أحاط بها اليونان المهرة في أعمال البحر، فيوقعون بها من كل ناحية، ويجعلون عاليها سافلها، ويستخفي البحر تحت الشظايا وجثث الموتى، وتغطي الجيف الساحل والصخور وقد أخذ الأسطول كله يفر غير منتظم . وهؤلاء بحارتنا الأشقياء، كأنهم الحيتان أو غيرها من وحوش البحر، قد أخذت في الشراك فتعمل في رءوسهم بقايا المقاذيف والمقاعد. وقد امتلأ الساحل صراخا وأنينا. حتى يقبل الليل فيخفينا عن أعين المنتصر.
عشرة أيام كاملة
6
لا تكفي لوصف ما فقدنا ولكن حسبكم أن تعلموا أن الدهر لم يعهد قط عددا من الناس كهذا العدد قد هلك في يوم واحد.
أتوسا :
يا للسماء! أي طوفان من الآلام يغمر فارس وآسيا جميعا!
الرسول :
Unknown page