Siyanat Insan
صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان
Publisher
المطبعة السلفية
Edition Number
الثالثة
Publisher Location
ومكتبتها
Genres
Creeds and Sects
أن يصغي إليه، والله تعالى هو الحافظ لدينه ﴿وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ﴾ و﴿مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ﴾ . وعلماء المسلمين مكلفون بأن يبينوا للناس ما يجب من الأدب والتعظيم والوقوف عند الحد الذي لا يجوز مجاوزته بالأدلة الشرعية، وبذلك يحصل الأمن من عبادة غير الله، ومن أراد الله ضلاله من أفراد الجهال فلن يستطيع أحد هدايته، فمن ترك شيئًا من التعظيم المشروع لمنصب النبوة زاعمًا بذلك الأدب مع الربوبية فقد كذب على الله تعالى وضيع ما أمر به في حق رسله، كما أن من أفرط وجاوز الحد إلى جانب الربوبية فقد كذب على رسل الله وضيع ما أمروا به في حق ربهم ﷾، والعدل حفظ ما أمر الله به في الجانبين، وليس في الزيارة المشروعة من التعظيم ما يفضي إلى محذور، انتهى ما ذكره١.
وقد أجاب عنه الإمام العلامة أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي في الصارم المنكى٢ فقال: "قوله: فإن قلت الفرق أيضًا أن غيره لا يخشى فيه محذور وقبره يخشى الإفراط في تعظيمه أن يعبد – سؤال لا تخفى صحته وقوته على أهل العلم والإيمان، وقوله في جوابه: هذا كلام تقشعر منه الجلود ولولا خشية اغترار الجهال به لما ذكرته. فيقال: نعم تقشعر منه جلود عباد القبور الذين إذا دعوا إلى عبادة الله وحده وأن لا يشرك به، ولا يتخذ من دونه وثن يعبد، اشمأزت قلوبهم، واقشعرت جلودهم واكفهرت وجوههم، ولا يخفى أن هذا نوع شبه وموافقة للذين قال الله فيهم ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾ . ثم يقال: أما جلود أهل التوحيد المتبعين للرسول، العالمين بمقاصده، الموافقين له فيما أحبه ورغب فيه، وكرهه وحذر منه، فإنها لا تقشعر من هذا الفرق، بل تزيد قلوبهم وجلودهم طمأنينة وسكينة ﴿وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ . وأما الذين في قلوبهم مرض فلا تزيدهم قواعد التوحيد وأدلته، وحقائقه وأسراره إلا رجسًا إلى رجسهم، وإذا سلك التوحيد في قلوبهم دفعته قلوبهم وأنكرته ظنًا منهم أنه تنقص وهضم
_________
١ أي السبكي في شفائه.
٢ ص٣٣٢-٣٣٨.
1 / 75