Siyanat Insan
صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان
Publisher
المطبعة السلفية
Edition Number
الثالثة
Publisher Location
ومكتبتها
Genres
Creeds and Sects
للأكابر وإزراء بهم وحط لهم عن مراتبهم، وأتباع هؤلاء ضعفاء العقول، وهم أتباع كل ناعق، يميلون مع كل صائح، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق، وأما أهل العلم والإيمان فإنما تقشعر جلودهم من مخالفة الرسول فيما أمر، ومن ترك قبول قوله فيما أخبر، ومن قول القائل وإقراره بأن اليقين لا يستفاد بقوله، وأنه يجب أو يشرع الحج إلى قبره ويجعل من أعظم الأعياد، ويحتج بفعل العوام والطغام على أن هذا من دينه، ويقدم هديهم على هدي المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، ويستحل تكفير من نهى عن أسباب الشرك والبدع، ودعا إلى ما كان عليه خيار الأمة وساداتها، ويستحل عقوبته وينسبه إلى التنقص والإزراء، فهذا وأمثاله تقشعر منه جلود أهل العلم والإيمان.
وقوله إن في هذا الفرق "تركا لما دلت عليه الأدلة الشرعية بالآراء الفاسدة الخيالية"، ففي هذا الكلام من قلب الحقائق وترك موجب النصوص النبوية والقواعد الشرعية والمحكم الخاص المقيد، إلى المجمل المتشابه العام المطلق، كما يفعله أهل الأهواء الذين في قلوبهم زيغ، ما نبينه بحول الله ومعونته وتأييده، فإن النصوص التي صحت عنه ﷺ بالنهي عن تعظيم القبور بكل نوع يؤدي إلى الشرك ووسائله من الصلاة عندها وإليها واتخاذها مساجد، وإيقاد السرج عليها، وشد الرحال إليها، وجعلها أعيادًا يجتمع لها كما يجتمع للعيد ونحو ذلك، صحيحة صريحة محكمة فيما دلت عليه، وقبور المعظمين مقصودة بذلك النص والعلة، ولا ريب أن هذا من أعظم المحاذير، وهو أصل أسباب الشرك والفتنة به في العالم، فكيف يناقض هذا ويعارض بإطلاق "زوروا القبور" وبأحاديث لا يصح منها شيء البتة في زيارة قبره ولا يثبت خبر واحد، ونحن نشهد بالله أنه لم يقل شيئًا منها، كما نشهد بالله أنه قال تلك النصوص الصحيحة الصريحة، وهؤلاء فرسان الحديث وأئمة النقل ومن إليهم المرجع في الصحيح والسقيم من الآثار، وقد ذكرنا فيما تقدم أنهم لم يصححوا منها خبرًا واحدًا، ولم يحتجوا منها بحديث واحد، بل ضعفوا جميع ما ورد في ذلك وطعنوا فيه وبينوا سبب ضعفه وحكم عليه جماعة منهم بالكذب والوضع.
1 / 76