يستمع من بعض الطيور كالببغاء وغيرها كلاما وقلنا القبيل دون الشخص لأن ما يسمع من المجنون يوصف بأنه كلام وأن لم تصح منه الفائدة وهو بحاله لكنها تصح من قبيله وليس كذلك الطائر.
فأما الدليل على صحة هذا الحد فهو: أن الشروط التي ذكرناها فيه متى تكاملت صح الوصف بأنه كلام ومتى إختل بعضها لم يوصف بذلك. وفيما ذكرناه تسمح وهو قولنا لو أتى بحرف ومضى زمان وأتى بحرف آخر لم يصح وصف فعله بأنه كلام. وكذلك النطق بحرف واحد متعذر غير ممكن إذ لابد من الإبتداء بمتحرك والوقوف على ساكن وما يمكن ذلك في أقل من حرفين الأول منهما متحرك والثاني ساكن وهو الذي يسميه العروضيون سببًا خفيفًا.
وبهذا أجاب أصحابنا من ألزمهم على هذا الحد الذي ذكرناه أن يكون: ق وع في الأمر ليس بكلام لأنه حرف واحد. وقالوا: إن المنطوق به في هذا القول حرفان والغنة التي وقف عليها عند السكت هي حرف١. وإن لم يثبت في الخط. وبينوا أن النطق بحرف واحد غير ممكن للعلة التي ذكرناها. وبهذا الجواب غنوا عما قاله أبو هاشم: من أن الأصل في هاتين اللفظتين عند الأمر أوق وأوع وإنما حذف ذلك لضرب من التصريف والمحذوف مقدر في الكلام مراد فعاد الأمر إلى أن الحرف الواحد لا يفيد. وإذا كنا قد بينا التسمح فيما ذكرناه فوجه العذر فيه أنه لو أمكن فرضا وتقديرًا أن ينطق بحرف واحد لم يكن كلاما وإن كان الصحيح أن ذاك غير ممكن لما بيناه.
وقد ألزمنا على هذا الحد الذي ذكرناه أن يكون الأخرس متكلما لأنه قد يقع منه حرفان.
والتزم أصحابنا ذلك وقالوا: إن الأخرس يمكن
_________
١ أنظر ما هذه الغنة وإنما هي هاء السكت.
1 / 33