Sirr Fasaha
سر الفصاحة
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الطبعة الأولى ١٤٠٢هـ_١٩٨٢م
في جميع الأوقات ثم قال أصبح العسل حلوًا فإنه قد أتى بأصبح حشوًا لغير فائدة فبان الفرق بين الأمرين.
ومن الحشو أيضًا قول أبي تمام:
كالظبية الأدماء صافت فارتعت ... زهر العرار الغض والجثجاثا
فإن الجثجاث إنما جاء به حشوًا لأجل القافية وإلا فليس للظبية فضيلة إذا أرعت الجثجاث ولا له فيها ميزة على غيره من النبات وقد سبقه إلى مثل هذا الحشو في القافية عدى بن الرقاع العاملي فقال:
وكأنها بين النساء أعارها ... عينيه أحور من جاذر جاسم
لأن جاسم إنما وردت هنا لأجل القافية لا لمعنى فيها وهي قرية بالشام من أعمال دمشق وفيها ولد أبو تمام الطائي وليس لجاذرها ميزة على غيرها وقد سألت عن ذلك جماعة ممن يخبر تلك الناحية فما وجدت عندهم فيها إلا ما عندهم في غيرها من البلاد.
ومن ذلك أيضًا قول علي بن محمد البصري:
وسابغة الأذيال زعف مفاضة ... تكنفها مني بجاد مخطط١
فليس لكون البجاد مخططًا تأثير في صفة الدرع وإنما الغرض بذكره القافية.
وأضداد هذا في وقوع الفائدة بالكلمة التي تكون فيها القافية فكثير ومنه قول امرئ القيس:
كأن عيون الوحش حول خبائنا ... وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب
١ الزغف من الدموع: المحكمة اللينة ومفاضة واسعة والبجاد: الثوب.
1 / 154