Sirr Fasaha
سر الفصاحة
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الطبعة الأولى ١٤٠٢هـ_١٩٨٢م
وهو من أقبح الحشو ولا مناسبة بينه وبين بيت امرئ القيس في حال من الأحوال ومما تزدادج به عجبا أن على بن عيسى الرماني نقض على أبي هاشم مسائله هذه بكتاب معروف قصره على نقضها واعتمد فيه المناقشة وترك المسامحة في كل لفظة من ألفاظ أبي هاشم فلما وصل إلى هذه المسألة ونقضها لم يعرض لهذا الموضع الذي ذكرناه بل ظهر من كلامه أنه موافق فيه مسلم له. ولا نعلم السبب الموجب لخفاء مثله على أبي الحسن مع مكانه المشهور من الأدب.
وأما مثال الكلمة التي تقع حشوًا وتؤثر في المعنى نقصًا وفي الغرض فسادًا فكقول أبي الطيب يمدح كافورا:
ترعرع الملك الأستاذ مكتهلا ... قبل اكتهال أديبًا قبل تأديب
لأن قوله: الأستاذ بعد الملك نقص له كبير وبين تسميته له بالملك والأستاذ فرق واضح فالأستاذ قد وقع ها هنا حشوًا ونقص به المعنى إذ كان الغرض في المدح تفخيم أحوال الممدوح وتعظيم شأنه لا تحقيره وتصغير أمره وقد رأيت في أخبار كافور الأخشيدي ما يقيم عذر أبي الطيب في هذا ويزيل عنه بعض اللوم وذلك أنه روى أن كافورًا لما غلب على ولد الأخشيد فاستبد بالأمور دونهم لم يخرج بذلك عن حد المدبر إلى المالك ولم يقم له على منبر دعوة ولا نقش باسمه سكة ولا اختار أن يخاطب إلا بالأستاذ فلم يسم في مدة أيامه بالأمير ولا بغيره مما يخاطب به من جرى مجراه. فإذا كان الأمر على هذا - ولا شك في صحته - فإن الأستاذ صار له بمنزلة اللقب الذي لا يجوز تغييره فإذا علم منه الشعراء حب المخاطبة بهذه التسمية نظموا ذلك في مديحهم فكأن أبا الطيب ذكر الأستاذ بعد الملك علمًا منه بغرض كافور فأما تمثيلنا نحن بهذا البيت فصحيح وفي حكم النظم والنثر أن لا تذكر هذه الكلمة بعد كلمة هي
1 / 149