الدنانير والدراهم ١. والمعنى: أن القارىء يؤدي حروف أبي عمر وبأعيانها من غير زيادة ولا نقصان.
وقد اختلفوا في تسمية الناقة الضامر حرفًا. فقال قوم: أي أنها قد حددت أعطافها بالضمر.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: لأنها انحرفت عن السمن. وقال غيره: شبهت بحرف الجبل في الشدة والصلابة. وزعم بعضهم: أنها شبهت بحرف السيف في مضائه. وقال آخرون: شبهت بالهاء من الحروف لدقتها وتقويسها. وكل هذا راجع إلى ما تقدم.
ومنه سمى مكسب الرجل حرفة لأنه الجهة التي انحرف إليها. وسموا الميل محرافًا لدقته. وأنشد أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد:
كما زل عن رأس الشجيج المحارف٢
والتحريف في الكلام الميل والانحراف. قال الله تعالى: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾ ٣.
أما تسمية أهل العربية أدوات المعاني نحو: من وقد حروفا فإنهم زعموا أنهم سموها بذلك لأنها تأتي في أول الكلام وآخره فصارت كالحروف والحدود له. وقد قال بعضهم: إنما سميت حروفًا لانحرافها عن الأسماء والأفعال. وهي عندنا نحن كلام لأنها منتظمة من حرفين فصاعدًا.
وأما قولهم للحروف التي في لغة العرب حروف المعجم فليس بصفة للحروف لأن ذلك يفسد من وجهين أحدهما: امتناع وصف
_________
١ لأن أل فيها للجنس.
٢ المحارف جمع محراف وهو الميل الذي يسبر به الجراحات يقول بلغ الميل العظم نزل عنه.
٣ سورة النساء الآية ٤٦.
1 / 24