مع أن ذلك وقف على المواليد فمولود يولد بطالع ما فلا يكون B في صناعته وعمله إلا طبائع الكواكب التي في تدبير مولده وإن عرج به والده إلى غير تلك الصنائع صرفه الطبع الأعلى وقد جرى مثل هذا القوم منجمين اجتازوا على قرية فباتوا عند رجل حايك فأتاه في تلك الليلة ولد فأخذوا طالعه وعدلوا كواكبه فدلهم مولده على أن ذلك المولود يكون عالما لطيف اليد حسن الرأي يدبر أمر الملوك ويزر لهم فعجبوا من هذا ولم يعرفوا والده فشب الولد ورام والده أن يعلمه شيئا من صناعته فأبت طباعه قبول شيء من ذلك فيوجعه ضربا إلى أن أعياه فتركه لرأيه فمال إلى أهل الأدب وتعلم العلوم وحفظ التواريخ وسياسة الملوك حتى صار وزيرا. وضد هذا من عجائب تأثير الكواكب ما جرى في مولد ابن ملك الهند إذ أعطت نسبة مولده أن يكون حدادا فسروا هذا الطبع عن الملك فلما شب رام الملك تعليمه A العلوم وسير الملوك فلم تنزع به همته ولا فاده طبعه إلا إلى صناعة الحدادين فهم الملك لذلك وجمع منجمي وقته لهذا الأمر فأطبق الكل منهم على ما ذهب إليه طبعه فكان كذلك. يا إسكندر لا تقدم أمرا ولا تؤخره إلا بعد مشاورة وزيرك فلم يزل الأوائل تقول المشورة رأس الهداية وفي سير الفرس أن ملكا من ملوكهم استشار وزراه {{وزرائه}} في سر عظيم كانت عليه أعمدة ملكه فقال أحدهم لا ينبغي للملك أن يستشير منا أحدا في مهم من أموره وعظيم من شؤونه إلا خاليا فإنه أصون للسر وأخرم للرأي وأعفى لبعضنا من غايلة بعض، فإن إفشاء السر إلى واحد واحد أخلص له وأكمل وقال بهتم اليوناني يزداد الملك الحازم برأي وزيره كما يزداد {{تزداد}} البحور بمواده {{بموادها}} من الأنهار وينال بالحزم والرأي ما لا يناله بالقوة والجند.
Page 17