Sirat Muluk Tabacina
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Genres
وقبل أن يهب ملك بعلبك مودعا التبع ذو اليزن منصرفا، اتفقا على استعراض عسكر الأول في اليوم التالي. - فلعلك أيها الملك الكريم، تبارك جيشنا وترعاه.
الفصل الثالث عشر
ملك بعلبك يجمع مستشاريه
ما إن انصرف التبع ذو اليزن عقب استعراضه لجند وكتائب وعتاد ملك بعلبك الهائلة العدد والعدة، وذلك التنظيم وحسن المظهر الذي اتسم به أفراد الجيش وقادتهم، حتى أحاطت المخاوف والهواجس من جديد بملك بعلبك؛ متسائلا: ماذا أفعل؟ دلوني!
وعندما لم يسعفه أحد بجواب شاف، اندفع من فوره، غارقا في مشاعره، مسترجعا تعبيرات وجه ذو اليزن وهو يطل من فوق البناء المشرف على ساحات جنده وكتائبه في إعجاب وتقدير ملفتين، وفي بعض الأحيان كان يرفع يده بالتحية لجموعهم. - ترى ماذا يقول؟ ولماذا طلب مني هذا المطلب الغريب، أن يشهد جيشي ومصدر قوتي، لماذا؟
تساءل مسترجعا لحظة أن أطل بنفسه من أعلى كوة قلاعه مستعرضا جيش ذلك الملك اليمني التبع، حالما انشق الأفق البعيد عن عسكره وقواته بملابسهم الغريبة وأجسادهم الناحلة الجافة الدقيقة التكوين وأسلحة حربهم، ودقة تنظيم صفوفهم. - لا بد أن في الأمر شيئا، ستكشف عن وجهه الخبيء الأيام والليالي المقبلة.
من جديد اتجه من فوره إلى جموع مستشاريه طالبا مشاركتهم ومشورتهم الرأي في ما يحدث ويجري في بعلبك وبقاعها والذي جاء هكذا دون سابق إنذار. - أخبروني ماذا يحدث، وما الذي يمكن فعله الآن قبل غد، قبل فوات الأوان؟
وهكذا فتح الملك على نفسه فاتحة لا حد لها ولأهوالها، حين حاول كل وزير أو أمير أو قائد من قواده، الإدلاء برأيه ومشورته وخططه.
فمنهم من رأى الملك التبع - ذو اليزن - يبغي شرا بهذه البلاد، وإلا فلماذا جاء إلى بعلبك وبقاع لبنان بالذات، ولماذا لم ييمم وجهته إلى بلاد السرو وعبادة؛ أي وادي الأردن وفلسطين؟
وإذا كان طريقه وغايته بلاد الحبشة وأواسط قارة «أفريقيا»، فلماذا لم يتخذ أقصر الطرق من اليمن وجنوب جزيرة العرب، عبورا إلى القرن الأفريقي، بدلا من بعلبك وشمال لبنان؟
Unknown page