109

ولم يزل الامام يخترق المواكب ويشتتها ويضرب فيهم السيف إلى أن وصل إلى قومه وقد طحن الابطال وهلك فلما وصل إلى أصحابه نادى معاشر الأصحاب قد اتاكم أميركم وحامي حومتكم احملوا بارك الله فيكم فحملوا وهو في أوائلهم وعمد إلى الكافر الغدار المنافق رأس الكفار وقال له هلم إلى الموت والدمار من الفارس الكرار قاتل الفجار ومبيد الكفار وقامع الأشرار وسائقهم إلى الويل والدمار ومفنيهم بالصارم البتار فلم ير له الامام خبر ولا وقع له على اثر وقد اختلط القوم في الظلام وأذاقوا بعضهم الويل إلى أن كلت الخيل من تحتهم وكانت ليلة يا لها من ليلة ما رأى الناس أعظم من قتالها ولا أشد من نزلها ولم ير مثلها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يزل كذلك الا ان طلع الفجر فافترق القوم عند الصباح وقد ملئت الأرض أشباحا بلا أرواح إلى أن غاصت الخيل في الدماء فلم يكن غير قليل من الليل حتى فقد المشركون صاحبهم الهضام وافتقد المسلمون أميرهم فلم يروه ولا علموا بغية الهضام ولا المسلمون علموا بغيبة الامام اما المسلمون فوضوا أمرهم إلى الله عز وجل وقد اجمعوا أمرهم على أن يقاتلوا إلى أن يفنوا عن آخرهم واما ما كان من امر أمير المؤمنين فإنه كان يدور من العسكر في القتال وهو يطلب عدو الله الهضام فلم يجده ولم يقع على خبره في وقت الحرب فبينما هو كذلك إذ نظر إلى عدو الله الهضام وهو خارج من معمعة هاربا وعلى وجهة طالبا إلى الحصن الذي هو حصن الحصون فخرج الامام في اثره إلى أن وصل إلى الحصن فإذا عليه الحرس الشديد فأراد ان يصل إلى باب الحصن فلم يجد سبيلا فجعل يطوف حول الحصن يمينا وشمالا فإذا هو بخرق كانوا اصطنعوه لأجل خروج المطر منه إذا اجتمع في الحصن مكانه فنظر الامام فيه فوجده ضيقا فشبك في حجر وجذبه من مكانه وأزاله عن بنيانه ثم اقطع آخر ولم يزل كذلك إلى أن دخل الحصن والقوم لا يعلمون بشئ من ذلك بتوفيق الله تعالى واقبل الامام يمشي في الحصن كأنه يعرفه سابقا ويعرف طرقه ومسلكه هدي من الله سبحانه وتعالى ولم يزل كذلك إلى أن وصل إلى القبة التي

Page 109