108

مثل هذه المرة فقال أمير المؤمنين يا مسطاح لقد حمى نفسه بقوله لا إله إلا الله محمد رسول الله ولا سبيل لنا على من قالها والليلة آخر لياليه والله مهلكه وانكم سترون منه ومن صمته عجائب وغرائب ثم هم الامام بالخروج فقال مسطاح يا سيدي اما تأكل من طعامنا وتشرفنا وتسر قلوبنا قد ذبحنا على اسم الله تعالى فقال اني أخشى على إخوانكم ان يطرقهم طارق من هذا المنافق فجاء الاكل فاكل الامام وحمد الله وأثنى عليه وركب جواده وهم بالخروج وأوصاهم وقال اغلقوا حصنكم ولا تخافوا فاني راجع إليكم وأطلق عنان جواده وخرج من الحصن فنظر الأرض وهي تموج من اسطكاك الأرض وصهيلها وزعيق الابطال فقال الامام لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وكان عدو الله الهضام لما خرج من الحصن وفاز بنجاة نفسه أطلق عنان جواده حتى وصل إلى معسكره وصرخ فيهم وقال يا ويلكم اركبوا الخيل واهجموا على القوم في الليل فقد حصدوا قومكم بالسيف وقد كاد ان يحصد صاحبكم لولا سبق الاجل فاغتنموا غفلة القوم لان الامام قد خلف أغنامه سائبة وقام عبد الله بنفسه إلى أصحاب الإمام الا وقد غشيهم جنود عدو الله الهضام وزحف عليهم الرجال وتزاعقت الابطال وكان أصحاب الإمام متأهبين للقتال كما أمرهم وقد تولى حرسهم ناقد بن الملك والرغداء وجنبل فلما سمعوا زعقة عدو الله على قومه فتواثبت أصحاب الإمام كالأسود الزائرة واجتمعوا ولصقوا مناكبهم إلى بعض والتفوا حتى صاروا كالحلقة الدائرة وقال بعضهم لبعض كونوا أشداء لان أميركم لا يغفل عنكم فاحتوت عليهم جنود الهضام من كل جهة وهم يظنون أنهم ظافرون بهم فلما التقى الجمعان أصحاب الهضام ان ما أملوا منهم بعيد والوصول إليهم صعب فاشتد القتال وازدحمت الابطال وصار الرجل لا يعرف صديقه من عدوه فبينما هم كذلك إذ سمع الفريقان زجرات وصرخات مزعجات وكان الامام قد اقبل وعلا صوته على جميع الأصوات فخمدت عند صرخته جميع الصرخات فلما سمعه أصحابه وهو يقول الله أكبر نصر من الله وفتح قريب يا معشر المسلمين اصبروا يا أولاد الكرام فقد آتاكم الأسد الضرغام ليث بني غالب علي بن أبي طالب ثم حمل الامام عقب كلامه وكبر تكبيرة عظيمة فاجابه قومه عند ذلك التكبير وخمدت أصواتهم

Page 108