142

Sirat Abi Tayr

سيرة أبي طير

قال الراوي: من أعجب الأشياء في تعجيل النصر لأمير المؤمنين عليه السلام أنه وصل في ذلك اليوم برؤوس قوم من خدم الغز قتلوا في منابر وأسارى قريب من العشرين فاستقبلهم الناس واستروا بذلك عقيب الوقعة وحمدوا الله تعالى على تعجيل الانتصار، فلما أتي بالأسارى إلى أمير المؤمنين جأروا إلى الله وتضرعوا بأمير المؤمنين وعند الناس أن أمير المؤمنين لا يصفح عنهم لأجل من أصيب في ذلك اليوم فعند ذلك أمرهم أمير المؤمنين بالتوبة وأن لا يعودوا إلى شيء مما كانوا عليه فتابوا فصفح عنهم وأمر بإطلاقهم فعجب الحاضرون من ذلك.

ومما قيل في ذلك من الأشعار قول الفقيه العالم محمد بن منيع النميري البغدادي:

إلى ما التمادي والأسى والتوجع

فإن يك من أجل الغزاة الذي مضوا

فإنهم نالوا الشهادة وارتقوا

يروح عليهم بالنعيم ويغتدي

ويكسون فيها من حرير معجد

ومن يك هذا حاله فلم الأسى

وإن يك حزنا أن أيدي عداتهم

فيوم حضور قد فللنا عروبهم

وطارت بنا الجرد العناجيح نحوهم

بكل شديد الخيزوانة حاسر

فلم يورد البيض الصوارم منهم

ولم يرد منهم غير كل ضبارم

إلى أن ثنت سمر الرماح دمائهم

فإن يك منهم قد أصبنا بموجع

فصبرا على هذا المصاب وسلوة

إذا كان ما نبكي أسا غير أحمد

رضينا به مستخلفا لم يسر بنا

يلوح الهدى والملك من عزماته

وتبتسم الأيام في ظل ملكه

إمام الهدى يا خير من وطئ الحصى

ويا نبوي العزم والحزم والسطى

إذا كان عذر الدهر أنك سالم

بك اكتست الدنيا ملابس زينة

وعندك راق العيش بعد أخونه

... وحتى متى أفراطنا في التوجع

إلى حيث يمضي كل عاص وطيع

ذرى طود عز في الجنان ممنع

أوانس حور في مصيف ومربع

ويسقون من صافي الرحيق المشعشع

عليه وسح الدمع من كل مدمع

أصابتهم في كوكبان بموجع

بحرب أشابت مفرقي كل مرضع

سراعا كأسراب القطا المتسروع

يقنع بالهندي رأس المقنع

سوى مالئات الكمي السميدع

أخا ثقة شثن البراثن أدرع

كأن أعاليها خضبن بأبدع فكم قد أصيبوا من يدينا بموجع

Page 147