قال الراوي: فلما سمع أمير المؤمنين الواعية في الحصن وقد كان متأهبا في الخيل وباقي العسكر في قاع شبام من تحت الليل لوقت البادي ظن المسلمون قد ظفروا بالحصن فأغار فيمن معه مسرعا نحوالجديدة، فلما بلغ إلى هنالك لقيه أول العسكر منهزما فوقف أميرالمؤمنين ومن معه هنالك لعل يستنقذوا أولئك الذين في الحيد، فهبط إليه من أمكنه النزول والباقون في سفح الجبل في موضع وعر ما بين مقتول ومثخن بالجراحات لا يمكنه حراكا، فلما رأى ذلك أمير المؤمنين بلغ عنده مبلغا عظيما وعادوا إلى الهضب قريبا من مدينة شبام، فوقف هنالك وهو يستقبل الناس بالوعظ والتذكير والاحتساب لمن مضى في سبيل الله حتى استكمل أهل الغزوة وعادوا إلى مدينة ثلاء، فلما استقل في موضع هنالك وقد اجتمع الناس حوله برز في وسط الحلقة وحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ووعظ الناس وذكرهم وعزاهم فيمن مضى من المسلمين في سبيل الله وأمرهم بالتأسي بمن مضى من الأنبياء عليهم السلام وأئمة الهدى ومن بعدهم من الصالحين رضوان الله عليهم، فاستشفى الناس بكلامه وهان عليهم الأمر وكثر المرجفون في عدد القتلى، وارتفعت رؤوس المعاندين، والذي صح عندنا في عدد القتلى أنهم ثمانون أو يزيدون قليلا أو ينقصون.
وروي لنا أن قوما من أهل حصن [46ب-أ] كوكبان قتلوا في ذلك اليوم فقطعت رؤوسهم وزادوها في روؤس المسلمين ولم يمكن تعيينهم لكونهم من بلاد متباينة ومن المشهورين فيهم الشريف الفاضل المجاهد القاسم بن عبدالله بن حاتم العباسي العلوي، ومن كبار العرب السلطان عضبان بن أسعد بن محمد بن حسين من مسور في جماعة من أصحابه، وجماعة من بني وهيب، ومن قبائل الظاهر جماعة من أهل الصيد من بني عرير وغيرهم .
Page 146