Sinima Wa Falsafa
السينما والفلسفة: ماذا تقدم إحداهما للأخرى
Genres
يطمح هذا الكتاب في المقام الأول إلى التأمل الفلسفي من خلال الأفلام، وإلى التفكير في الأفلام من منظور فلسفي. وتتناول الفصول قضايا حاضرة في الأفلام من المنظورين الفلسفي والسينمائي كذلك. الأفلام وسيط صالح للنقاش الفلسفي من عدة أوجه؛ إذ يمكن استخدامها لتسليط الضوء على قضايا فلسفية، وكوسيلة لاختبار نظريات فلسفية أو إجراء تجارب فكرية فلسفية، وكمصادر لمعضلات أو ظواهر مثيرة للاهتمام تستدعي الاستقصاء الفلسفي، وكطريقة لفهم مغزى قضايا فلسفية أو تحديد الاحتمالات الفلسفية. يدفعنا التفكير المتأمل في السينما إلى دروب الفلسفة عبر طرح أسئلة عن طبيعة الأفلام ذاتها وطبيعة المشاهدة السينمائية تحديدا. في بعض الأحيان نستخدم نظريات فلسفية لتفسير الأفلام، وفي أحيان أخرى نستخدم الأفلام لتسليط الضوء على النظريات الفلسفية. كل هذه الطرق لمشاهدة الأفلام والتأمل الفلسفي يطرحها هذا الكتاب. إن الفلسفة لا تطرح منظورا فريدا للسينما، بل إن الأفلام ذاتها هي مساع، مضطربة غالبا وفي غاية البراعة أحيانا، للاستقصاءات الفلسفية.
لا يزال المجال الذي يجمع بين السينما والفلسفة مجالا حديثا نسبيا. وما توصلنا إليه في هذا الكتاب لم يكن ليتحقق دون الجهود الرائدة لأولئك الفلاسفة والمنظرين السينمائيين الذين ساعدوا على إرساء الفلسفة والسينما كمبحث جدير بالاهتمام ودائم التطور، وفي سبيله - قطعا - للازدهار. وحتى في المواضع التي اختلفنا فيها معهم، فقد تعلمنا منهم بكل تأكيد.
الجزء
الفلسفة والسينما
يضم الجزء الأول فصلين، يناقش أولهما العلاقة بين الفلسفة والسينما. والقضية الرئيسية هنا قضية تمهيدية أيضا؛ هل السينما وسيط فلسفي جدير بالثقة؟ هل الأفلام مجال للتأملات الفلسفية؟ ما الذي ينبغي لنا توقعه من الأفلام من زاوية فلسفية؟ أما الفصل الثاني فيبحث بعضا من القضايا الفلسفية الخاصة بطبيعة السينما أو التي تنطبق على أفلام بعينها بوصفها عملا جماليا (أو عملا فنيا). كيف نتناول، من منظور فلسفي، قدرة الأفلام على استثارة مشاعر قوية، بل وإرضائها على الأقل مؤقتا، واستدعاء خيالات الانتقام والرغبات النرجسية، بل والمنحرفة؟
في الجزء الأول نستعرض أوجه الاعتراض التي أبداها الفلاسفة على الإمكانيات الفلسفية للسينما، فنشرح السبل المتنوعة التي تربط ظاهريا بين السينما ونظرية الفلسفة ونطرح علامات استفهام حولها. نوضح كذلك أنه في وسع السينما أن تصبح أكثر بكثير من مجرد اختبار أو تصوير لإحدى النظريات الفلسفية. وبدلا من طرح الإمكانيات الفلسفية لدى السينما باعتبارها مجالا يخدم أغراض الفلسفة، فإننا ننظر إلى المسألة من الجهة الأخرى ونستعرض السينما (أو بعض الأفلام) بوصفها ذات طبيعة فلسفية متأصلة. سوف نناقش العديد من القضايا الفلسفية التي تطرحها السينما جنبا إلى جنب مع التقنيات السينمائية والسردية ذات الصلة.
إن الجزء الأول يشكل خلفية ورافدا في ذات الوقت للأجزاء من الثاني إلى الرابع التي نحلل فيها المشكلات الأخلاقية والميتافيزيقية والمعرفية الرئيسية فيما يتعلق بأفلام محددة.
الفصل الأول
لماذا الربط بين السينما والفلسفة؟
مقدمة
Unknown page