al-Ilahiyyat min Kitab al-Sifaʾ

Ibn Sina d. 428 AH
133

al-Ilahiyyat min Kitab al-Sifaʾ

الالاهيات من كتاب الشفاء

Genres

أو حفضها، وذلك أن شيئا آخر علة لإحداث الاستعداد التام في مثل هذه الحال لقبول ضدها وهي الصورة النارية، وعلة الصورة النارية هي العلل التي تكسو العناصر صورها وهي مفارقة. فتكون العلل الحقيقية موجودة مع المعلول؛ وأما المتقدمات فهي علل، إما بالعرض وإما معينات. فلهذا يجب أن يعتقد أن علة شكل البناء هو الاجتماع، وعلة ذلك طبائع المجتمعات وثباتها على ما ألفت، وعلة ذلك السبب المفارق الفاعل للطبائع. وعلة الولد اجتماع صورته مع مادته بالسبب المفيد للصور. وعلة النار السبب المفيد للصور وزوال الاستعداد التام لضد تلك الصور معا. فنجد إذن أن العلل مع المعلولات. وإذا قضينا بما يتصل به كلامنا بأن العلل متناهية، فإنما نشير إلى هذه العلل ولا نمنع أن تكون عللا معينة ومعدة بلا نهاية، بعضها قبل بعض، بل ذلك واجب ضرورة، لأن كل حادث فقد وجب بعد ما لم يجب لوجوب علته حينئذ كما بينا، وعلته ما كان أيضا وجب. فوجب في المور الجزئية، أن تكون الأمور المتقدمة التي بها تجب في العلل الموجودة بالفعل، أن تصير عللا لها بالفعل أمورا بلا نهاية، ولذلك لا يقف فيها سؤال لم البتة. ولكن الإشكال ههنا في شيء، وهو أن هذه التي بلا نهاية لا يخلو إما أن يوجد كل واحد منها آنا فتتوالى آنات متشافعة ليس بينها زمان وهذا محال؛ وإما أن يبقى زمانا فيجب أن يكون إيجابها في كل ذلك الزمان لا في طرف منه، ويكون المعنى الموجب لإيجابها ايضا معها في ذلك الزمان، ويكون الكلام في إيجاب إيجابها كالكلام فيه، وتحصل علل بلا نهاية معا. وهذه هو الذي نحن في منعه فنقول: إنه لولا الحركة لوجب هذا الإشكال، إلا أن الحركة تبقي الشيء الواحد لا على حالة واحدة فلا يكون ما يتجدد من حالة بعد حالة في آن بعد آن يشافعه ويماسه، بل كذلك على الاتصال، فتكون ذات العلة غير موجبة لوجود المعلول بل لكونها على نسبة ما، وتلك النسبة تكون علتها الحركة أو شريكة علتها أو التي بها العلة علة بالفعل الحركة، فتكون حينئذ العلة لا ثابتة الوجود على حالة واحدة ولا باطلة الوجود حادثة في آن واحد، فباضطرار إذن تكون العلة الحافظة أو المشاركة لنظام هذه العلل التي بسببها تنحل الإشكالات هو الحركة، وسنوضح ذلك في موضعه إيضاحا أشفى من هذا. فقد بان ووضح أن العلل الذاتية للشيء التي بها وجود ذات الشيء بالفعل يجب أن تكون معه لامتقدمة في الوجود تقدما يكون زواله مع الحدوث المعلول، وأن هذا إنما يجوز في علل غير ذاتية أو غير قريبة، والعلل غير الذاتية أو الغير القريبة لا يمنع ذهابها إلى غير النهاية بل يوجبه.

Page 132