وأين نذهب مع ظل الله وظل الأمن وظل العدل وظلال مجردة كثيرة ممتدة في الكلام العربي ليس لما تضاف إليه أدنى حجم؟
وأما غموض قوله: «فإذا وفق ليرفع إليك عملا فقد أسند أفعالك في الفضل إلى أسمائك»، فلا أجادل فيه فإن غموضه واضح، لكني أقول: إن شوقي بك غالب عليه الشعر فيحسب نفسه وهو في النثر أنه في النظم، بل هو يحكي المتنبي أحيانا في عدم وضوح معانيه لأول وهلة فلا يفهم القارئ بعض جمله إلا بعد التأمل بل التعمل.
وأما اعتراض «البيان» على «أحب إخوته الكثيرين إلى الأمم» بأنه من التراكيب التي منعها أهل العربية حسبما نص على ذلك الحريري في درة الغواص، وأن رد الخفاجي عليه لا يسلم من الرد، فأقول فيه: إن الرد على الخفاجي لا يسلم من الرد أيضا، وهو قد أورد في مقام الدفاع عن جواز هذا التركيب ما يستحق النظر وإنه وإن لم يكن هنا مقام استيفاء تعليلات كهذه فلا بأس بإيراد بعضها كقولهم: إن أفعل التفضيل قد يخلع عنه ما امتاز عن الصفات ويتجرد للمعنى الوصفي.
وكقولهم: إنه قد يكون للدلالة على زيادة مطلقة لا مقيدة نحو قولهم: يوسف أحسن إخوته، وكما قالوا إن أفضل إخوته بمعنى أفضل الإخوة على حد قوله تعالى:
يتلونه حق تلاوته ؛ أي حق التلاوة، وأنشدوا قول عبد الرحمن العتبي:
يا خير إخوانه وأعطفهم
عليهم راضيا وغضبانا
وناهيك أن نحويا كابن خالويه أجاز هذه العبارة، ولا نظن أديبا مثل شوقي بك، قد رأينا ما رأينا له من الآثار الدالة على سعة اطلاعه في العربية يقدم على هذا الاستعمال إلا وهو يرى رأي الذين أجازوه، ويستحيل أن يكون مثله لم يمر بهذه الاعتراضات وردها.
وأخذ البيان على قوله: «وأمتنهم أعلاقا في القلوب.» وذلك بأن الأعلاق جمع علق بالكسر؛ وهو الشيء النفيس، وأن حقها أن تكون علائق، وقد استغربنا وايم الله صدور ذلك عن لغوي ثقة مثل الشيخ، والأعلاق تأتي جمعا لغير العلق بالكسر فتأتي جمعا للعلق بالتحريك.
والعلق يأتي بمعنى البكرة وأداتها.
Unknown page