هو في الزمان إحكام المواعيد والمحافظة عليه وتأدية كل عمل في حينه، وحين كل عمل موقوت بأسبابه ودواعيه. وتأخير العمل عن حينه تضييع للفرصة، وإخلال بالعدة ووضع للأمر في غير موضعه، وأن تضيع وقته لتزحم به وقتا أعد لغيره ولم يهيأ له.
والنظام في المكان وضع كل شيء في موضعه، وإحلاله محله المهيأ له والذي ييسر وجدانه والانتفاع به.
والنظام في الفكر أن تتسلسل المقدمات على ترتيب حتى تفضي إلى نتائجها.
والنظام في النفس أن تسير على قوانين لا تحار ولا تتردد.
والنظام في الجماعة ائتلاف أفرادها على قانون جامع، وتعاونهم على أمر مقدور؛ لتعمل متعاونة غير متخاذلة ومتآلفة غير متصادمة.
وكذلك النظام في الخليقة كلها. أحسب النظام - وإن شئت فسمه الوئام والوفاق والحب والسلام - قوام كل الأمر في الخليقة وفي نفس الوحدان والجماعات والأمم، وفي أقوالها وأفعالها وسياساتها.
تأمل تجد الأدلة قائمة والحوادث في الأنفس والآفاق شاهدة.
الأربعاء 2 رجب/19 أبريل
بركة الحاج
أجلس الآن على حافة بركة الحاج في الطريق إلى مهد الذهب؛ وهو إلى الجنوب والشرق من المدينة على مسيرة 270 كيلا، وهنا مفترق طرق ذاهبة إلى المدينة ومكة والطائف ونجد والعراق. أفكر كم ورد هذه البركة من حجاج الأوطان والأزمان، وكم عكس الماء من صور وأروى من غلة ورحض من دنس! ثم ذهبت الأشباح والظلال، ورحلت القوافل ثم تفرقت، ثم مضى بركبها الزمان المتدفق في مجراه من أزل الله إلى أبده.
Unknown page