في النفوس رفعة وضعة، وفيها عفة وشره، وخير وشر، وفجور وبر، فأيقظوا فيها عواطف الخير، وتعهدوا فيها جوانب البر، ولا تدعوها لنزعاتها فتسف وتخلد إلى الأرض، وترض بالدنية وتسكن إلى الهين اللذيذ، حتى يستعصى داؤها، ويصعب شفاؤها.
الإثنين 29 جمادى الآخرة/17 أبريل
الإنسان صغير بجسمه كبير بروحه
الإنسان ضئيل الجسم، ضعيف القوى، محدود العمر، ولكن آماله لا تحد، وطموحه لا ينتهي. يحاول أن يدرك كل شيء، ويسيطر على كل شيء.
وطعامه وشرابه ولذاته الحسية، وقدرته على العمل لها حدود قريبة؛ فلذة الطعام تنقلب عيفا حين يشبع، والرغبة في العمل تصير نفورا حين يكل، وقدرته على الشيء في حال تحول عجزا في أحوال. ولكن شغفه بالمعرفة ونزوعه إلى الاطلاع، ولذاته الروحية التي يدركها في كل جميل حسي أو معنوي وينالها في الحب على كثرة أشكاله وضروبه، كل أولئك غير محدود؛ لا يحده زمان ولا مكان ولا حال. فالإنسان إذن صغير بجسمه وصورته وما يتصل بالجسم والصورة، غير محدود بروحه ومعناه، وما يتصل بالروح والمعنى.
روح الإنسان موصولة بالله سبحانه، والله هو الأول والآخر والظاهر والباطن المحيط بكل شيء الذي لا يحيط به شيء.
فليدرك الإنسان هذه الصلة ويقدرها، ويجتهد أن يعلو بها على الحدود الحسية والقيود الجسمية، حتى يتصل بالمعاني الجميلة العامة المتلائمة، وينفصل من المعاني القبيحة الجزئية المتنافرة؛ ليطمح إلى غير المحدود ويخلص من سجن الزمان والمكان وقيود الأحوال والأشكال.
الثلاثاء 1 رجب /18 أبريل
النظام والإتقان
أزمعنا سفرا طويلا، وعزمنا على التبكير به. ولم يكن السفر فجاءة، فقد روينا فيه وتأهبنا له، ولكن أخرنا الإهمال والإمهال حتى خرجنا والساعة أربع نهارا (قبل الظهر بأقل من ساعتين)! وإنما أخرنا التهاون والاستخفاف بالمواقيت، بل إعواز النظام، والنظام قوام الأعمال كلها.
Unknown page