خطبة «احتجب بنوره».
قال بعض العلماء [1]
، [2]
:
اعلم، انه سبحانه إنما خفي مع ظهوره لشدة ظهوره، فظهوره سبب بطونه، ونوره حجاب نوره و«كل ما جاوز حده انعكس إلى ضده» ثم قال: مثاله نور الشمس فانه أظهر الأشياء المدركة بالبصر وبه يظهر كل شيء.
وقد اشكل ذلك على جمع كثير من العلماء [3] فقالوا: ليس في الأشياء المتلونة الا لونها لا غير؛ فنبهوا على قيام النور بالمتلونات، بالتفرقة التي يدركونها بين الظل وموضع النور، وبين الليل والنهار ولو اطبق نور الشمس كل الأجسام الظاهرة ولم تغب عنها، لتعذر علينا معرفة كون النور شيئا موجودا زائدا على الألوان؛ ولو تصور لله عز وجل، عدم أو غيبة [4] عن بعض الأمور، لانهدمت السماوات والأرض وكل ما انقطع نوره عنها؛ ولأدركت التفرقة بين الحالتين وعلم وجوده قطعا؛ ولكن لما كانت الأشياء كلها متفقة في الشهادة، والأحوال كلها مطردة على نسق واحد كان ذلك سببا لخفائه- فسبحان من احتجب عن الخلق بنوره وخفي عنهم لشدة ظهوره- فهو الظاهر الذي لا أظهر منه وهو الباطن الذي لا أبطن منه- انتهى ملخصا.
[وصفه تعالى يستلزم التحديد والأنبياء وصفوه بأفعاله]
الذي سئلت الأنبياء فلم تصفه بحد ولا نقص، بل وصفته بأفعاله،
Page 78